ماتناقلته الصحف من احداث حول قضية توظيف الاموال التي تتداولها المحاكم في مصر. وفي بعض الدول الاخري ليس جديدا. ولن يكون آخر مايقع في مثل هذا المجال فلا المحتالون سينتهون عن الايقاع بالضحايا وبنفس الاسلوب والطريقة. ولا الناس سيتوبون عن السقوط في فخاخ النصابين. ذلك لانه منهج شيطاني قديم وضع قواعده ابليس الاول في اللحظات الاولي لوجود الانسان وهو منهج أثبت نجاحه في تحقيق هدفه علي مدي التاريخ وحتي يومنا هذا والي ان يرث الله الارض ومن عليها رغم التطور العقلي والعلمي الذي تشهده البشرية.
وقد قام هذا المنهج علي قاعدتين الاولي: استغلال طمع النفس في البشر. وبقدر شراهة هذا الطمع بقدر سقوط الضحية في شراك المحتال والثانية الدخول الي الضحية في ثوب النافع الحريص علي مصلحته الذي لاغرض له ولاطمع فيها.
وقد حققت هذه الطريقة نجاحها فور تطبيقها لاول مرة فبمجرد ان قال ابليس لسيدنا آدم وحواء هل ادلكم علي شجرة الخلد وملك لايبلي وفي موقع آخر: ما نها كما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكم لمن الناصحين فدلاهما بغرور.
بمجرد ان ضرب لهما علي وتر الخلد والملك وهما آفة الانسان سقطا رغم تحذير الله لهما منه ومن الشجرة.
من هنا فإن الطمع أصل السقوط في دائرة المحتالين لان الطمع يعمي العقل وشهوة المال والكسب تعمي صاحبها عن الثغرات الواضحة والدلائل القوية علي المحتال كما انها تعمي الانسان عن الاختيار بين الحلال والحرام فالكثيرون يغفلون ان الكسب في التجارة أو الانتاج لابد ان يكون كسبا معقولا والا كان ربا يعامل معاملة من يبيع المال بمال أكبر وقد حذر العلماء من قبل هذا النوع من الربا الذي يغفل عنه الكثيرون أو يتغافلون تحت تأثير الشره في الكسب. بل ان العقل والواقع وطبائع الاشياء تؤكد انه لايوجد استثمار حلال او استثمار مشروع يحقق أرباحا للشركاء بالطريقة التي أوقع المحتال بها ضحاياه.
واذكر ان فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية ذكر امامي انه كان في مجلس علم احد العلماء السعوديين الكبار في مرحلة التلقي فحضر رجل بمبلغ ضخم من المال يتجاوز عدة ملايين وقدمه للشيخ وقال له هذا لطلاب العلم وذكر المبلغ فرفض الشيخ فسأله التلاميذ بعد ذهاب الرجل عن اسباب رفضه فقال لهم إن العقود الصحيحة في الاسلام لاتحقق أرباحا في جيلين تكون زكاتها بهذه الضخامة وانا اعرف والد هذا الرجل. اذن فحركة المال في الاسلام لها منهجها وليست مطلقة.
بقي أن تقول إن نظامنا الاقتصادي قد يكون مسئولا عن عدم استيعاب مثل هذه الثروات التي تقع في النهاية في ايدي المحتالين.