...كنت خائفة.كان الحوار مربكا.تلعثمت خلاله نحو سبع مرات وبكيت مرة واحدة. كان يصر على ان اقدم اجوبة عن اسئلة كنت قد نسيتها او طمستها. اسئلة معينة ومشاهد معينة ومراحل معينة من حياة معينة. وكيف اعيش دون ان اتناسى؟
كان الحوارمربكا.وللمرة الاولى كنت خائفة.نظرت في صورة معلقةعلى جدار المكان.فقررت ان احب البيت القديم الذي يسكنها. رغم خوفي,يحتفظ صوتك بالقدرة على ان يبدد قلقي. يكبر خوفي من الحوارفي حين انسى قلقي دون ان اتناساه.وما افعلهفي زمن حوارنا الذي تقرره وتسميه وتؤرخه ليس سوى اعتراف بمحاولات الحياة معك او دونك.
ربماجعلت اعترافاتي تلك الحوار مربكا
(اريد ان اكون مثل الاخريات),صرخت.اريد ان اكون سطحية على طريقتي وان ارتكب حماقات لارجوع عنها والا ابحث عن ان اكون مختلفة.لا اريد ان اقرا جرائد البارحة ان فاتتني قراءتها,ولا ان اتابع اخبار الموت ليلا ان لم اتابعها وانا اتناول طعام الغداء.
هل سالتك لم ما اعترفت باصدقائي وبحاجتي الى كلام لامعنى له؟
الحوار مربك,لكنني استطيع ان اهرب منه الى البيت القديم الذي يسكنني قبل ان يسكن جدار المكان. تهددني بالغياب, فيوجعني حزني لغيابك ويوجعني انك تمضغ الكلام وتصر على انني لن استطيع العيش من دونك.لكنني احب الجلوس في الشمس دون ان افكر في انك سترافقني اليها.تصنع الشمس دونك طريقها الجديدة الى حياتي,ولونا برونزيا على بشرتي.
يربكني الحوار بيننا. وعندما لااجد الرد على اسئلتك المعقدة انظر الى كفي بغرابة وانتظر سؤالا اخر.وعندما لااجيب مرة اخرى,افكر في ان الوصول الى المنزل القديم الذي بات يسكنني ويسكن الجدار في الوقت نفسه يحتاج الى جهد الاجابة عن سؤالك الاخير.(هل ارحل) تسال.
يمتلئ وجهي فجاة,يصبح اكبر,فاستطيع قراءة الغباء في عيني.وادرك ان ثمة فرقا بين الدهشة والغباء,فللغباء مظهر محدد استطيع ان احس به وان اصفه.طالما ادعيت انك صنعت ذكائي,فاحسست انني استعيد غبائي عنداحتمال فقدانك.فرحت باحساسي, ثم رايت نفسي قادرة على ان ارسم بدموعي الكحل الذي يحيط بعيني وعلى ان اتوقف عن تناول الخبز الاسمر وعن شرب القهوة.
كان الحوار فعلا مربكا.انتهى وانا افكر في الشمس التي تركتها ورائي, فاهملتها دون ان اخطط لذلك.وكيف اغفر لنفسي اهمال الشمس؟ لكن الهروب منك ليس سوى كلام اكتبه بعدما اغمض عيني وتحت وطاة الوقت الممتد بين ساعة نومي وساعة يقضتي.ابحث عن فهم وقتي هذا وعن موسيقى لا اعيدها خلال نومي حتى تستغيث. لكنك تاتيني ليلا في احلام غريبة.كلما قررت الااؤجل مشاريعي الفردية في مقابل الحفاظ على مشاريع تجمعنا,احلم بك.الوصول الى المنزل القديم الذي يسكنني يتطلب جهدا اقل من جهد الهروب منك. فاصر على ان اصل الى المنزل القديم الذي طالما رايته في صورة احتفظت بها بين اوراقي القديمة.ولانني اريد ان انتهي من قصصي القديمة,رايتك البارحة في نومي,كما لم ارك ابدا.واضحكتني,حين صحوت,صورتك في قميص مقلم,اشقر الشعر كما لم تكن ابدا.
حوارنا الاخير اربكني.لكن منذ خرجنا من المكان,قررت الاحتفاظ بصورة البيت القديم كي استطيع ان اسرد صورتك التي تاتيني بين وقت واخر واشياء صغيرة تشبهك وحدك.
انتهينا ولم ينتهالحوار,فاعتذر.اود لو استطيع ان اعتذر منك عن هروبي من الان الى الغد.
لكن لماذا تاتيني صورتك في الحلم ملونة؟ ارسم نفسي على ورقة مخططة يوم التقينا في البيت القديم.ثم ابحث عن قليل من القهوة وعن صوت احتضنه.يؤلمني وجهي.اقفل باب الغرفة واكلم نفسي,فيطلع صوتي مختلفا.
لم ينته الحوار بعد,لكنه كلاما لم يحدد البداية,حدد النهاية فقط.
في طريقي الى البحر اعتذر منك عن هروبي.وقبالة البحر المح الفتاة التي كانت السبب في لقاءناالاول,فاعانقها كانني اعتذر عن هروبي منك.يبدو انني نجحت فعلا في الهروب.