تقبيل يد "تيريسا" يثير ردود أفعال غاضبة بين المصريين
مصرية تقبل يد تيريسا أثناء زيارتها دهشور
القاهرة: أثارت الصورة التى نشرتها صحيفة "المصرى اليوم" لسيدة مصرية وهي تقبّل يد النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية ماريا تيريسا، خلال زيارة الأخيرة لمنطقة دهشور بمحافظة الجيزة لتوزيع منحة بنحو 6.3 مليون دولار لتطوير وتحسين الوضع المعيشى لأهالى المنطقة، جدلاً شديداً وردود أفعال واسعة داخل المجتمع المصرى بمختلف فئاته.
فقد اعتبر نشطاء حقوقيون وقانونيون أن مصر أصبحت "متسولة" بسبب المعونات الخارجية، وشددوا على ضرورة إقالة الحكومة إذا كانت الدولة تحترم كرامة مواطنيها.
وانتقد نجاد البرعى الناشط الحقوقى المصري زيارة تيريسا، وقال شعرت بالمهانة عندما شاهدت سيدة فقيرة تنحنى وتبوس يد مسؤول أجنبى مقابل ألف جنيه، نحو 300 دولار، مشيراً إلى أن السيدة العجوز قامت بالتعبير عن بالغ تقديرها وشكرها العميق من أجل حصولها على هذا المبلغ.
وتساءل البرعى عن أسباب وصول مصر إلى تلك الحالة، والتى أرجعها إلى "تدنى مستويات الفقر فى البلاد".
وقال البرعى: "لو حدث ذلك فى أى دولة، اخرى تحترم حقوق مواطنيها لقام النظام بإقالة الحكومة"، لافتاً إلى أنه من حق أى جهة مانحة أو مسؤول زيارة البلاد، بشرط ألا يتعارض ذلك مع أمنه الشخصى أو الأمن القومى للبلاد، خاصة وإن كانت الزيارة تلبية لدعوة من الحكومة.
من جانبه، أكد السفير إبراهيم يسرى، مدير إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية المصرية سابقاً، إن "مصر أصبحت مفتوحة للجميع وأصبحت متسولة للمعونات، التى أصبحت تذهب للمنظمات والافراد بدون رقيب"، معتبراً ذلك خطراً يجب تداركه.
ونقلت "المصري اليوم" عن يسري قوله: "ليس معنى العولمة والانفتاح والحرية أن تخفى أغراض أخرى"، مشيراً إلى أن هناك محاولات عديدة لاختراق الشعب المصرى وتفكيكه وخلق الفرقة بين نسيجه الموحد.
ولفت الدكتور إبراهيم درويش، أستاذ القانون الدستورى، إلى أنه لا يحق قيام أى مسؤول أجنبى ضيفاً على البلاد بزيارة أى منطقة داخل الحدود المصرية، إلا بتصريح وموافقة من الدولة المضيفة، وبشرط عدم المساس بأى جزء من السيادة المصرية.
ووصف درويش صورة تقبيل السيدة العجوز ليد النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية بأنه "إساءة للمجتمع والنظام المصرى"، معتبراً اهتمام المسؤولة الإسبانية بتوزيع المنحة بنفسها على الأهالى، يعنى أنها لا تثق فى توصيل المصريين تلك المنحة إلى مستحقيها.
بينما اعتبر خبراء فى العلاقات الدولية الجولة التى قامت بها نائبة رئيس وزراء إسبانيا فى دهشور "انتهاكاً واضحاً للسيادة المصرية"، مؤكدين أن واقعة "تقبيل اليد" أظهرت الشعب المصرى أمام العالم وكأنه "شراذم من الجياع".
وهو نفس ما تضمنه بيان عاجل تقدم به النائب المستقل جمال زهران إلى مجلس الشعب، أمس، حول طبيعة زيارة المسؤولة الإسبانية لـ "دهشور"، وعدم وجود أى مرافقين رسميين لها، وواقعة "تقبيل يدها".
وقال الدكتور سعيد اللاوندى، أستاذ العلاقات الدولية، "ما فعلته نائبة رئيس الوزراء الإسبانية، يعد ضمن خطة تسير عليها الدول الأوروبية خلال العقد الأخير، تهدف إلى خلق حالة من التعاطف الشعبى معها، وذلك لتحسين صورتها، والتى قد تتأثر نتيجة مواقفها من القضايا العربية المختلفة".
من جانبه، أكد السفير سيد قاسم المصرى، خبير المنظمات الدولية، أن قيام نائبة رئيس الوزراء الإسبانى بجولة للإشراف على توزيع المنحة المقدمة من دولتها، "ليس به خطأ"، و لكن غياب ممثلى الحكومة المصرية يجعلها "غير شرعية".
وقال المصرى "ليس هناك أى خطأ فى قيام دولة بتقديم منح لدولة أخرى، ولكن قيام نائبة رئيس الوزراء بالتحرك بمفردها، يجعل مصر أشبه ما تكون بالصومال، أو دولة بلا حكومة مركزية، فمن غير المعقول أن يتحرك مسؤول بهذا الحجم بمفرده ليوزع منحاً على الشعب، دون أن يرافقه ولو حتى محافظ".
وأضاف "واقعة تقبيل عجوز ليد المسؤولة الإسبانية تُظهر الشعب المصرى فى صورة شراذم من الجياع، ينتظرون مساعدات الدول الأخرى، التى تقوم بتوزيع هذه المنح عليهم فى ظل غياب حكومى".
وفى المقابل، رفض خبراء اقتصاد التهويل وتضخيم واقعة "تقبيل يد" المسؤولة، معتبرين هذا الموقف "لا يمس بكرامة مصر والمصريين فى الخارج".
وأكد الخبراء وجود بروتوكولات محددة لقيام أى مسؤول من الجهات المانحة بإجراء زيارات للمشروعات الممولة من الخارج، منها إخطار وزارة التعاون الدولى والمحافظات أو الجهات المعنية رسمياً بالزيارة، مرفقاً معه برنامج الزيارة والمشروعات التى سيتم تفقدها.
وأشار البعض إلى أن قيام المسؤول ببعض السلوكيات الشخصية، مثل منح هبات عينية للمواطنين أو ما شابه ذلك، هو أمر يدخل ضمن الحرية الشخصية للمسؤول، موضحين أن قيام المواطنين بالتعبير عن امتنانهم لهذا السلوك بأى شكل من الأشكال "لا يقلل من كرامة مصر وقيمتها السياسية والاقتصادية".