ما أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن وفاة 159 شخصا في المكسيك جراء الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير ، إلا وتساءل كثيرون "لماذا المكسيكيون وحدهم يموتون بأنفلونزا الخنازير؟ ولماذا كان الضحايا كلهم من الشباب مع أن تلك الفئة العمرية ينبغي أن يكون جهاز المناعة لديها في أقوى مراحله وبالتالي يجب أن تكون مقاومتهم للأمراض أعلى من أي وقت آخر؟".
ويبدو أن خبراء الصحة لم يتأخروا في تقديم إجابة للتساؤلات السابقة ، حيث نقلت شبكة سي ان ان الإخبارية الأمريكية عن الطبيب هاورد ماركل رئيس مركز تاريخ الطب بجامعة ميتشيجان القول إنه بعد دراسة رقمية لأعداد المصابين والوفيات فإن سبب وفاة المكسيكيين بالمرض يعود إلى انتشار المرض بينهم لوقت أطول منه في دول أخرى، الأمر الذي نجم عنه انتشار الفيروس بين عدد أكبر من الناس.
ومن جانبه ، يرى لويس سوليفان وزير الصحة في إدارة جورج بوش السابقة أن سبب انتشار الفيروس بين عدد كبير من المكسيكيين يعود إلى أنهم بالإجمال يعانون من سوء التغذية والظروف الصحية المتدنية إلى جانب سوء حالة المساكن التي يقيمون فيها، ما يجعلهم عرضة للوقوع ضحايا لهذا المرض.
وكانت السلطات الأمريكية أعلنت في 29 إبريل أن الحالة التي أعلن عن وفاتها جراء أنفلونزا الخنازير في أمريكا اتضح لاحقا أنها لطفل مكسيكي وصل الولايات المتحدة لتلقي العلاج.
وأكدت المتحدثة باسم إدارة الصحة في هيوستن كاثي بارتون أن الطفل الذي أعلن عن وفاته بأنفلونزا الخنازير، وقالت الأنباء إنه أمريكي، إنما هو طفل مكسيكي كان قد نقل إلى هيوستن بتكساس لتلقي العلاج.
وجاء هذا التصريح بعد ساعات من إعلان القائم بأعمال مراكز الرقابة على الأمراض في أمريكا ريتشارد بيسر عن أول حالة وفاة جراء فيروس انفلونزا الخنازير، موضحا أنها لطفل في الثانية من عمره في ولاية تكساس.
وأضاف " لقد توفي طفل جراء إصابته بفيروس إتش1 إن1.. وبصفتي أبا وطبيب أطفال، فإنني أعبر عن تعزيتي لأسرة الفقيد" ، مشيرا إلى أن حالة الوفاة تلك تعد الأولى خارج المكسيك .
وبالتزامن مع التطورات السابقة ، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات المؤكدة في مختلف أنحاء العالم بلغ 112 حالة، منها 64 حالة في الولايات المتحدة، و26 في المكسيك، وست حالات في كندا وثلاث حالات في نيوزيلندا وحالتان في كل من بريطانيا وإسبانيا وإسرائيل.
ورغم أن المنظمة لم تعلن بعد تحول فيروس "أنفلونزا الخنازير" الذي ظهر منذ منتصف إبريل في المكسيك لوباء ، إلا أن خبراء الأوبئة والصحة سارعوا لوضع تصوراتهم لأسوأ السيناريوهات في هذا الصدد ، حيث حذروا من أن أنفلونزا الخنازير قد تفتك بسبعة ملايين شخص في العالم وقد تصبح الكارثة الأكبر من نوعها منذ عام 1968 عندما انتشرت أنفلونزا "هونج كونج" التي تسببت في وفاة قرابة مليون شخص.
وقال أخصائي علم الأوبئة في جامعة هونج كونج الدكتور لو وينج-لوك إنه في حال تحول الفيروس إلى وباء ، فإن المرض سينتقل من مدينة لأخرى في فترة زمنية تستغرق ما بين 18 شهراً إلى 24 شهراً وسيصاب بعدوى الفيروس ثلث البشرية.
وأضاف " ستكتظ المستشفيات فوق طاقتها الاستيعابية، وستغلق المدارس ، وتبدو المطارات مهجورة ، الصغار والطاعنين في السن هم أكبر ضحايا المرض، وبالاستناد إلى بيانات الوباء الأخير، وعدد سكان الأرض، في الوقت الراهن، ستفتك أنفلونزا الخنازير بسبعة ملايين شخص".
وتابع " انتشار الأنفلونزا الآسيوية وسارس كانا دقا ناقوس الخطر من انتشارهما كوباء عام 2003، إلا أن فيروسا المرضين لم يتخطيا حاجز انتقال عدواهما من الحيوان إلى الإنسان، كما لم يتحورا بشكل كاف مما يمكن من انتقال المرض من شخص لآخر ، أما بالنسبة لأنفلونزا الخنازير فإنه بالفعل مرض ينتقل من شخص لآخر مما يجعل السيطرة عليه أكثر صعوبة، كما أنه يبدو أكثر عدوى من سارس".