القاهرة : مازالت التصريحات التي أدلى بها وزير الثقافة المصري فاروق حسني في 27 مايو / أيار واعتذر خلالها لإسرائيل تثير ردود أفعال غاضبة داخل مصر ، حيث ندد النائب اليساري السابق البدري فرغلي بموقف حسني، قائلاً:"لا يمكن أن نقبل بهذا الخنوع طمعا في رفع راية مصرية فوق اليونسكو، فمصر زاخرة بقممها التي لا تقبل بأن تبدل مواقفها طمعا في منصب".
وفي السياق ذاته ، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن أوساط سياسية مصرية القول إن تراجع وزير الثقافة عن تصريحاته التي أدلى بها في البرلمان المصري العام الماضي وأكد خلالها استعداده لـ"حرق" الكتب العبرية المتواجدة في المكتبات المصرية ، إنما جاء في إطار صفقة معدة سلفا بين الوزير وتل أبيب لكي يتجنب معارضة إسرائيل له في مساعيه للفوز بمنصب مدير عام اليونسكو.
رجل سلام
وكان فاروق حسني المرشح لمنصب الأمين العام لليونسكو تقدم في 27 مايو / أيار باعتذار رسمى لإسرائيل أعرب خلاله عن "أسفه" لإعلانه في عام 2008 أنه على استعداد لـ"حرق" الكتب العبرية المتواجدة في المكتبات المصرية.
وقال حسني في مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية إن بعض المواقف التي اتخذها في الماضي جاءت نتيجة حزنه لمصير الشعب الفلسطيني المحروم من أرضه وحقوقه.
وأضاف " أنا رجل سلام ، وأعلم أن السلام يعني التفهم والاحترام ، وباسم هذه القيم أريد أن أعود عن الكلمات التي تفوهت بها في مايو 2008 والتي اعتبرت دعوة إلى إحراق الكتب بالعبرية ، أثار هذا التصريح صدمة ، وأتفهم ذلك".
وتابع "أريد أن أعرب عن أسفي لكل ما قلته ، هذه الكلمات تتناقض مع شخصيتي وقناعاتي ، إننى تفوهت بهذه الكلمات دون سابق تصور وتصميم وأنا بعيد كل البعد عن العنصرية وإنكار الآخر أو النية في الإساءة إلى الثقافة اليهودية أو أي ثقافة أخرى".
واعتبر وزير الثقافة المصري فاروق حسنى أن تراجع إسرائيل عن موقفها المعارض لترشحه لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو يبرهن علي أنه رجل سلام ولا يقف معاديا لأي طرف هو ما تأكدت منه الدولة العبرية.
وأضاف أن تعهد الحكومة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بدعمه للوصول إلي المنصب الدولي جاء بعد دراسة مستفيضه لترشحه وتأكدها أنه سيعامل جميع الدول باحترام وبحيادية إذا ما اعتلى منصب اليونسكو.
وعلق حسني علي اتهامه بمعاداة السامية ساخراً " هل يمكن أن نعادى أنفسنا؟" ، مشددا على أن حملات الجاليات اليهودية في العالم لا تستهدفه بقدر ما تسعي لعدم وصول ممثل لمصر والوجود العربى فى المنظمة الدولية ، واستغلت "زلة لسانه" بشأن حرق الكتب العبرية لتنفيذ هذا المخطط .
تطبيع ثقافي
وكان فاروق حسنى أعلن العام الماضي استعداده لحرق الكتب اليهودية الموجودة فى المكتبات المصرية بعد أن تقدم نائب بمجلس الشعب المصرى بطلب إحاطة حول إغراق المكتبات المصرية بالكتب اليهودية ، الأمر الذي يعتبر بداية للتطبيع الثقافى مع إسرائيل.
وفي محاولة لنفي سعيه للتطبيع الثقافي ، أكد حسني أمام مجلس الشعب استعداده لحرق الكتب اليهودية .
تلك التصريحات قوبلت على الفور برد فعل عنيف من الجانب الصهيونى وشنت إسرائيل حملة ضده ، داعية المجتمع الدولى إلى عدم ترشيحه لليونسكو باعتباره معاد للسامية .
وفي 20 مايو/ أيار 2009 ، نشرت صحيفة "لوموند" مقالا موقعا من مجموعة من المفكرين العالميين اتهموا فيه فاروق حسني بمعاداة السامية لوصفه الثقافة الإسرائيلية بأنها "غير إنسانية وعدوانية وتحترف سرقة ما لا ينتمي إليها للادعاء بأنه يخصها".
وبعد نشر هذا المقال ، فوجىء الجميع بإعلان إسرائيل عدم معارضتها تولي فاروق حسني منصب مدير عام اليونسكو وفي الوقت ذاته أبدت واشنطن معارضتها هذا الأمر ، ويبدو أن تلك المواقف المتضاربة من جانب واشنطن وتل أبيب كانت بمثابة ابتزاز لإجباره على قبول صفقة الاعتذار ، مقابل مباركة ترشيحه.