عمان : فككت الأجهزة الأمنية المختصة فى الاردن شبكة للاتجار بالبشر تضم أربعة أشخاص بينهم سيدة وعربي يعمل مديرا للعلاقات العامة في أحد المستشفيات الكبرى باحدى الدول العربية.
وحول تفاصيل القضية، قال مصدر أمني طلب عدم ذكره اسمه في تصريح خاص لجريدة "الدستور" الاردنية :" إن معلومات وصلت للاجهزة الامنية ـ قسم الاداب بوجود شبكة تضم عددا من الاشخاص يقومون بالاتجار بالكلى ويعملون على اصطياد الضحايا من فئة الشباب في الاردن واخذهم إلى أحدى الدول العربية من اجل بيع كلاهم واجراء العمليات الجراحية لهم في عاصمة دولة عربية ".
وأوضح المصدر أنه تم وضع افراد الشبكة تحت المراقبة اللصيقة والحثيثة حتى تمكنت الأجهزة الأمنية المختصة من القاء القبض على 3 اشخاص بمساعدة واجراء التنسيق اللازم مع احد مديري العلاقات العامة في احد المستشفيات الكبرى في احدى الدول العربية ، وبدأت الاجهزة المختصة التحقيق معهم.
وأضاف نفس المصدر أن الاجهزة الامنية القت القبض على مواطنة أردنية قامت ببيع كليتها بمبلغ 5 الاف دولار وبعدها حاولت اقناع زوجها والضغط عليه بشكل مستمر من اجل السفر إلى نفس الدولة للغاية نفسها ، مبينا المصدر انه ونتيجة التحقيق مع السيدة تبين ان لها طفلة غير شرعية.
وقال المصدر:" إن السيدة المذكورة بينت في التحقيق أن شقيق زوجها هو من اقنعها ببيع كليتها لانه هو شخصيا قام ببيع كليته سابقا في تلك الدولة ".
وقال المصدر :" إن الاجهزة الامنية المختصة ما زالت تواصل التحقيق معها لمعرفة المزيد من المعلومات ".
تعريف الظاهرة
يعرف الاتجار بالبشر بأنه شكل من اشكال التحكم غير الطوعي في الإنسان نفسه والذي يعد نوعا جديدا من الاتجار بالرق من قبل مرتكبيه الذين يلجأون إلى الانقضاض على فريستهم من النسوة والاطفال وغيرهم بغية تحقيق المكاسب والارباح فيما يطلق عليه " العبودية القسرية" التي يتعرض اليها أمثال هؤلاء ومن ابرزها احتجاز جوازات السفر لفرض مقيدات على الحركة وساعات عمل طويلة واجور غير مدفوعة وتهديدات مختلفة واستغلال جسدي وعدم توفير الاحتياجات المعقولة من الماء والطعام والعناية الصحية التي لا بد منها!.
لا شك بأن ما يحدث في المجتمع العربي من تطورات ومتغيرات تلقي بظلال واضحة على امكانية زيادة حالات بيع الاعضاء البشرية التي نسمع انها تجري على نطاق واسع في بعض الدول العربية ، خاصة وأن الظروف الاقتصادية التي نعاني منها تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.
وهذا ما قد يشجع حتى المترددين على تسويق أعضاء "حساسة" من اجسامهم رغم ما قد يفضي اليه ذلك من مخاطر جادة على صحتهم وحتى حياتهم في سبيل الحصول على المال لأية غاية كانت, ما دام هنالك متاجرون جاهزون لاداء ادوارهم بحرفية واتقان على حساب الانسان نفسه هذه المرة, ومن خلال "الاتجار بالبشر" ايضا, بعد ان تجاوزوا التجارة المشروعة الى ما هو ابعد من ذلك بكثير.. وهذا ما يتطلب "فتح العيون على الاخر" من جميع الجهات ذات العلاقة في هذا الشأن!.
قانون للحماية
تجدر الاشارة إلى أنه خلال سبتمبر الماضي ، انتهت الجهات المختصة فى الاردن من وضع مشروع قانون الحماية من الاتجار بالبشر تمهيدا لرفعه الى رئاسة الوزراء لاقراره، وعرضه بعد ذلك على مجلس الامة .
وأشارت جريدة " الدستور" إلى أن المشروع فرض عقوبة السجن لمدة خمس سنوات مع الاشغال الشاقة كحد أدنى لمن يرتكب ايا من جرائم الإتجار بالبشر .
وجاء في مشروع القانون أنه يقصد بعبارة الإتجار بالبشر تجنيد اشخاص او نقلهم او ايوائهم او استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة او استعمالها غير ذلك من اشكال القسر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او استغلال حالة استضعاف، او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص ما .
أرباح طائلة
وأصبحت تجارة البشر أكبر تجارة غير شرعية في العالم، حيث تقدر منظمة العمل الدولية "I L O" في آخر تقرير لها أرباح استغلال النساء والأطفال جنسيا بـ 28 مليار دولار سنويا ، كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بـ32 مليار دولار سنويا، وتؤكد المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والفتيات.
ويتعرض حوالي 3 ملايين إنسان في العالم سنويا للاتجار بهم ، بينهم 1.2 مليون طفل، وينقل ما يتراوح بين 45 ألفا و50 ألفا من الضحايا إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنويا.
ورغم أن معظم ضحايا الاتجار بالبشر يسقطون من خلال اختطافهم، فإن كثيرا منهم يسلمون أنفسهم للتجار هربا من الفقر وبحثا عن وعود كاذبة بالعمل والثراء.
وتعتمد بعض الدول على هؤلاء الضحايا بشكل رئيسي، حيث أكد تقرير لمنظمة العفو الدولية تهريب مئات النساء سنويا إلى إسرائيل لغرض الاستغلال الجنسي التجاري، وتعتمد الشركات الإنشائية والمشاريع التجارية في إسرائيل على المتاجرة بالعمال الأجانب لإجبارهم على العمل في ظروف مأساوية للعبودية.
غياب العرب
ورغم انتشار تجارة البشر في جميع الدول العربية تقريبا، فإن إدراك المجتمع لها لا يكاد يذكر، بل إن معظم الحكومات العربية لم تتخذ جهودا فعالة لمواجهتها أو حتى رصدها ، وربما كان التقرير الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية سنويا حول تجارة البشر هو الوسيلة الموثقة الوحيدة التي يمكن اللجوء إليها لرصد هذه المأساة في الدول العربية.
فقد كشف التقرير الأمريكي انتشار "اتجار بالبشر" في 139 دولة بينها (17) دولة عربية هي : السعودية، وقطر، والكويت، وعمان، والأردن، ومصر، وليبيا، والمغرب، والإمارات، ولبنان، وسوريا، وتونس، واليمن، والجزائر، والبحرين، وموريتانيا، والسودان ،نّف التقرير الدول إلى ثلاث درجات وفقا لجهودها في مكافحة الاتجار بالبشر.
أما بالنسبة للحكومات فيمكن تقسيم مواقفها إزاء الاتجار بالبشر إلى ثلاثة مواقف مختلفة :
أرباح استغلال النساء والأطفال جنسيا 28 مليار دولار سنويا
حكومات ازدواجية تدين تجارة البشر رغم انتشارها على أراضيها، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا التي تتعرض لانتقادات كثيرة بسبب تخاذلها عن محاربة هذه التجارة.
حكومات سلبية، مثل معظم الحكومات العربية التي لم تحرك ساكنا إزاء هذه القضية وكأن الأمر لا يعنيها.
وحكومات اتخذت إجراءات جادة وفعالة لإنهاء المأساة، مثل اليابان التي عدلت قانون مكافحة الاتجار بالبشر استجابة لضغوط المجتمع المدني.
وتعد هشاشة القوانين سببا رئيسيا لاستمرار المأساة، فأقصى مدة حبس يمكن أن يحصل عليها تجار البشر هي 20عاما وهو أمر نادر الحدوث، فعادة ما تنتهي المحاكمات بتبرئة المتهمين، ففي عام 2004 واجه 7 آلاف شخص اتهامات بالتورط في تجارة البشر، إلا أن عدد المدانين اقتصر على 3 آلاف متهم فقط، وكثيرا ما تنتهي المحاكمة بمعاقبة الضحايا باعتبارهم أجانب غير شرعيين، كما كان يحدث في اليابان قبل تعديل القانون.
حماية دولية
ويعتبر دور المنظمات الدولية ليس أفضل حالا من دور معظم الحكومات، فرغم أن المادة رقم (4) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحظر استرقاق أو استعباد أي شخص، وتحظر تجارة الرقيق بكافة أنواعها، فإن دور الأمم المتحدة اقتصر كالعادة على الإدانة والاستنكار للاتجار بالبشر، ومطالبة الحكومات باتخاذ إجراءات لمنعها ومعاقبة المتورطين فيها، ولكن دون اتخاذ أي إجراءات عملية لوقف هذه المأساة.
بل إن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة دعت في عام 1998 إلى الاعتراف الاقتصادي بالصناعة الجنسية وضمان "حقوق العمل والمنافع" لعمال الجنس، وتحسين "ظروف العمل" في هذه الصناعة، وتمديد شبكة الضريبة إلى العديد من الأنشطة المربحة المرتبطة