يعتير العديد من الآباء عربات الأطفال التي يوضع فيها الطفل ليتابع المشي ، يعتبرها سليمة و آمنة ، و أنها من الممكن أن تساعد في الحض على تعليم الطفل على المشي ، كما أن الطفل يتمكن من استكشاف محيطه ، و من اللعب و التنقل ، و من متابعة والديه ، و ذلك بشكل مستقل و بالاعتماد على نفسه .
لسوء الحظ ، يترافق استعمال هذا النوع من العربات مع نقص في انتباه الآباء و تركيزهم على الأطفال أثناء وجودهم في هذه العربات الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حوادث كثيرة ، و على الرغم من أن هذه العربات يمكن أن تساعد الأطفال على الخطو ، إلا أن رغبة الطفل و نشاطه الحركي يكونان مزدادين إلى حد كبير حتى قبل أن يفكر الأهل باقتناء هذه العرية ، الأمر الذي يجعلنا نفترض معه أنها لا تحث الطفل على المشي إنما تناسب إحساسه المتولد مسبقاً بذلك ، أي أن الطفل الذي سيمشي في سن معينة ، سيمشي حتى دون هذه العربة ، و الأطفال الذين يتأخر لديهم المشي قليلاً ، سيتأخر حتى بوجود العربة .
إن 30%-50% من الأطفال في عمر ما بين 5 – 12 شهر يستعملون العربة ، و أكثر من 50%-60% من هؤلاء الأطفال يتعرضون لحوداث ناجمة عن استخدامها مثل أذيات و رضوض الرأس و الجمجمة ، السقوط من الدرج ، أذيات الأصابع بالأدوات الموجودة على سطحها ، كما إن 50%-70% من مجمل هذه الحوادث تحدث في البيت ، و معظمها حيث يكون الوالدان أو أحدهما على الأقل موجوداً مع الطفل ، و يزداد معدل الحوادث و فرص وقوعها كلما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل في العربة ، إذ إن حوالي 30% من حوادث السقوط عن الدرج تحدث عند الأطفال الذين يقضون يومياً أقل من ساعتين على العربة و حوالي 47% من هؤلاء الأطفال يعانون من كسور الجمجمة ، و 001¸0% يتطلب المعالجة من التهاب السحايا .
كما أنه لا يوجد دليل علمي إلى الآن يثبت أن المشايات يمكن أن تعلم الطفل التنقل أو التجوال ، فالأطفال يستعملون عدداً من الحركات و مجموعات عضلية مناسبة و متعددة من أجل المشي و التجوال ، و هذه العربات تجبرهم على استخدام إعداد واحد فقط ، كما أنه من الممكن لهذه العربات أن تؤخر تعلم المشي عند الأطفال المصابين بالشلل الدماغي .
إن اجتماع نقص انتباه و تركيز الأهل على الطفل الذي يستعمل المشاية ، مع النشاط الحركي الزائد للطفل في السن الذي يبدأ فيه باستعمالها يدفعنا للاعتقاد بأن هذه الأدوات من الممكن أن تكون بغاية الخطورة ، و لا بد أن يتنبه الأهل حول المخاطر الكامنة الحدوث و المتوقعة من جراء استعمال أطفالهم لمثل هذه الأجهزة و لا سيما في الأطفال الغير مراقبين و الذين يستعملون العربات لفترة طويلة من الوقت ، و لا بد من التأكيد كذلك على أن هذه العربات لا تحرض الطفل على بدء المشي و لا تعلمه الخطو و لا تحثه على التجول ، لأن كل ذلك موجود أصلاً في غريزة الطفل.
إلا أنه من الممكن أن ينصح باقتناء هذه العربات تحت شروط معينة ، منها ألا يتم إهمال الطفل باعتبار أنه الآن في حصن أمين و ظروف محمية من الأخطار ، إذ لا بد من أن يزيد انتباه الأهل لأطفالهم أثناء وجودهم في هذه العربات ، لأن الأخطار المحدقة بالطفل تزداد كلما ازداد تجواله و حركته ، و لا بد أيضاً من اختيار العربة المناسبة للطفل من حيث التركيب و الصناعة بحيث لا يكون فيها أدوات حادة أو أجزاء مدببة أو مؤذية ، كما ينبغي أن تناسب طول الطفل ، مع إمكانية أن يتم تغيير ارتفاعها لتناسب حركة رجليه على الأرض ، و يجب أن يكون مقعدها مريحاً و صلباً نوعاً ما يحيث لا يهترئ أو يتشقق ، كما ينبغي ألا يوضع الطفل فيها طيلة النهار ، إذ يمكن أن يخصص له ساعة أو ساعتان فقط ، و لا بد من أن يتم رفع كل الأدوات التي يمكن أن تعترض طريقه أو أن يتعرض لها بحكم الفضول فيؤذي نفسه ، و أن يمنع من بلوغ بعض الأماكن مثل المطبخ أو المنشر أو الدرج أو الحمام و غيره ، و بذلك يمكن أن تعتبر هذه العربة لعبة يلعب بها الطفل لا أكثر و لا أقل لكنها لعبة كبيرة نوعاً ما .
خالد الرواضيه