السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإن من أصعب اللحظات على الإنسان .. لحظة الشعور بعدم الأمان .. ولا يخفى عليك أن غياب الزوج عن بيته لحظة واحدة يفقد البيت شعوره بالأمان والإطمئنان .. وتظل عيون الأطفال معلقة بالأبواب حتى يسمعوا خطوات والدهم فيهبوا للقائه والفرح يزهر في عيونهم ويتورد على جبينهم .. ثم يرتمون في أحضان والدهم وكأنهم ملكوا الدنيا وما فيها ..
ولكن .. كيف أصف لك الشعور اليوم .. إنه غياب العمر . إنه الشعور الدائم بالخوف .. إن العمر كله صار لحظات صعبة ومرة ولك أن تتصور أحيانا أنظر في طرف خفي لأرى طفلي الصغير واقفا متجمدا ينظر من الشباك لطفل آخر مسرع نحو والده .. أقترب من طفلي فأرى عيونه ذابلة والدموع في عينيه تكاد تتكلم.. فما أن يراني حتى ينفجر باكيا .. ويبقى يبكي حتى ينام ..
ولك أن تتصور ما تشاء .. ففي كل يوم عشرات المشاهد التي تفلق الحجر .. والله وحده هو الذي يلهمني الصبر والسلوان .. وصدقني إن عزاؤنا الوحيد أن زوجي قد مات شهيدا .. وأنه الآن في نعيم الجنة وأنا سنلتقي به هناك بإذن الله .
وما زادنا صبرا وأملا .. وجودكم في حياتنا عبر كفالتكم المباركة .. إننا نشعر ان الناس بخير ، وأننا يمكن أن نعيش بكرامة في هذا العلم المجنون .. ولا نبالغ إذا قلنا لكم إن كفالتكم هي الماء الطيب الذي يصيب أحزاننا فيبردها ويخفف آلامها .. فبارك الله فيكم ورزقكم من خيره .. أما أنا فأستعد الان للموقف الصعب الذي سأواجه به طفلي عندما يبحث عن والده .. يبكي مائدة رمضان .. وصبيحة يوم العيد .. والله المستعان .