تل أبيب : فيما يبدو وكأنه تمهيد لاتفاقيات سلام منفردة مع سوريا ولبنان ، فجر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد مفاجأة جاء فيها أنه مستعد للقاء الزعماء العرب في دمشق أو بيروت من أجل السلام ، الأمر الذي أعاد للأذهان حديث الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر حول استعداده لزيارة إسرائيل وما أعقب ذلك من توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
وفي الخطاب الذي ألقاه في جامعة "بار ايلان" بتل أبيب وطرح فيه السياسة التي تنوي حكومته انتهاجها لتحقيق تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، طالب نتنياهو القادة العرب بالتعاون مع إسرائيل من أجل صنع ما أسماه "السلام الاقتصادي" ، قائلا :" السلام الاقتصادي ليس بديلا للسلام السياسي ، نقول للفلسطينيين تعالوا نبدأ مفاوضات سلام بدون شروط مسبقة ، نريد أن نعيش معكم في سلام وجيرة حسنة ، لا أريد حربا".
وفيما اعتبر شروط مسبقة للاعتراف بحل الدولتين ، استطرد نتنياهو قائلا :" أساس الصراع في المنطقة هو رفض العرب للدولة اليهودية ، كلما نقترب من الفلسطينيين يبتعدون عنا وانسحابنا من غزة رافقه عملياتهم الانتحارية ، يجب على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل ، ونحن نعيش معكم في سلام ، قضية اللاجئين الفلسطينيين يجب حلها خارج إسرائيل ، لا يمكن أن نعترف بالدولة الفلسطينية إلا بعد ضمان نزع أسلحتها."
وشدد على أن " إسرائيل لن تفاوض إرهابيين يريدون القضاء عليها ، مستعدون لقبول دولة فلسطينية منزوعة السلاح إذا اعترفوا بيهودية إسرائيل ، القدس عاصمة إسرائيل وستظل موحدة وحرية العبادة مضمونة لكافة الأديان ".
وفي أول تعليق له على خطاب نتنياهو ، أكد صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية أن نتنياهو أنهى بخطابه كل حديث عن السلام ، مشيرا إلى أن كلامه عن دولة فلسطينية جاء بلا معنى ، حيث طالب بدولة منزوعة السلاح ولم يعترف بدولة على حدود 67 ، بل إنه قضى على أية فرصة لإقامة مثل تلك الدولة عندما أفرغ مفاوضات الوضع النهائي من مضمونها بعد استبعاده قضية اللاجئين من التفاوض وعدم تطرقه للاستيطان وتركيزه على السلام الاقتصادي والتطبيع مع الدول العربية دون تقديم أية تنازلات تذكر.
وكان مارك ريجيف الناطق باسم نتنياهو كشف قبل الخطاب أن نظرة رئيس الحكومة الإسرائيلية التي سيعلن عن تفاصيلها في 14 يونيو / حزيران تتضمن تحقيق "مصالحة" مع جميع الأطراف في المنطقة ، قائلا :" ينوي نتنياهو في الخطاب الذي سيلقيه في جامعة بار ايلان توضيح الكيفية التي سيدفع بها عملية السلام مع الفلسطينيين إلى الأمام ، إن نظرته تتضمن التوصل إلى مصالحة تاريخية ومن الواضح أن على الأطراف كافة القيام بأدوارها إذا كان سيكتب لهذه العملية النجاح".
يذكر أن نتنياهو اقترح في الماضي أن يتم التركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية في المفاوضات مع الفلسطينيين دون ايلاء قضية الاحتلال الإسرائيلي أهمية قصوى.
ومن جانبها، أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية أنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات ما لم تجمد إسرائيل كافة نشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية، وما لم تلتزم علنا بحل الدولتين .
ويرى مراقبون أن خطاب نتنياهو الذي تجاهل الحديث عن المبادرة العربية جاء بمثابة محاولة لامتصاص ضغوط أوباما التي تهدف إلى إجباره على الاعتراف بحل الدولتين ، عبر الحديث عن مصطلح الدولة الفلسطينية دون الالتزام بأسس إقامة دولة قابلة للحياة ، وفي الوقت نفسه حاول من خلال مغازلة لبنان وسوريا دفع الفلسطينيين لتقديم تنازلات إضافية وخداع العرب عبر الحصول على التطبيع ، مقابل إشارات باستئناف مفاوضات السلام مع سوريا ولبنان .
والخلاصة أن خطاب نتنياهو لم يأت بجديد بل إنه حاول الإيقاع بين الفلسطينيين وسوريا ولبنان من جهة وتمزيق الصف العربي من ناحية أخرى عبر الحديث عن استعداده لزيارة دمشق وبيروت وتأكيده على ما أسماه السلام الاقتصادي أو التطبيع بمعنى أصح.