يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور أحمد يوسف سليمان استاذ الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يقول: لقد اخطأت في توزيع مالك علي أولادك اثناء حياتك ولم تحسب حسابك لاحتمال تزوجك من زوجة اخري والانجاب منها.
ولو أنك توقعت ما حدث ما اقدمت عليه وانت بذلك تعطي نموذجاً لغيرك من الآباء الذين يتسرعون فيعطون أولادهم كل ما يملكون ولا يبقون لأنفسهم شيئاً من مالهم ثم يحتاجون بعد ذلك للمال ويطلبونه من اولادهم فيبخل الاولاد عليهم وكثيراً ما يلجأون إلي المحاكم يطالبون اولادهم بشيء من حقوقهم عليهم.
اما هؤلاء الأولاد الذين انتقل إليهم ما كان في يد ابيهم من مال فإن البر به والاحسان إليه يقتضي ان يعيدوا إليه ماله أو ما يحتاجه إليه منه حتي ينفق منه علي نفسه وعلي زوجته الجديدة التي انجب منها وان يسوي بينهم وبين اخوانهم من الزوجة الجديدة لكن رفضهم هذا الطلب لوالدهم يعتبر عقوقاً له وعدم مقابلة احسانه إليهم بالاحسان إليه.
قال الله تعالي: "هل جزاء الاحسان إلا الاحسان" وهل يرضيهم ان يكونوا اغنياء واخوتهم من الأب فقراء يتكففون الناس.
ولو ان والدهم لم يتسرع بتوزيع المال عليهم ان يصير هذا المال ميراثاً لهم جميعاً بعد وفاته.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "انت ومالك لأبيك". فما بالنا إذا كان هذا المال مال الأب في الاصل وهو يريد الآن ان يصحح وضعاً اخطأ فيه فعلي الاولاد ان يساعدوه في تصحيحه حتي ينالوا رضاه عليهم.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "البر لا يبلي والذنب لا ينسي والديان لا يموت افعل ما شئت كما تدين تدان" وهذا ما يقتضيه حسن الخلق وعمق المشاعر الطيبة بين الأب واولاده.
أما من الناحية الفقهية فمادام الأب قد وهب ابناءه هبة وهو في كامل قواه العقلية وقد تسلم الموهوب لهم الهبة وتصرفوا فيها فقد اصبحت الهبة ملكاً لهم وليس من حق الواهب ان يرجع في هبته علي الراجح من اقوال الفقهاء.
وبناء علي هذا فإن تصرف هذا الأب مع اولاده هو من قبيل الهبة وليس من قبيل الميراث..إذ إن الميراث لا يكون إلا بعد موت الموروث.
والله اعلم