تعيش المملكة العربية السعودية حالة من الجدل الاجتماعي والشرعي والحقوقي حول زواج القاصرات وأثاره بعدما رصدت الصحف المحلية على مدى أشهر عدة أشكال للزواج تم خلالها زفاف فتيات صغيرات لرجال في أعمار آبائهن أو أجدادهن بدافع المصالح في الأغلب.
حيث طالب حقوقيون وعلماء دين السلطات السعودية بالتصدي لزواج القاصرات وإجبارهن على الزواج محذرين من التداعيات الاجتماعية لهذه المشكلة، وشددوا على ضرورة سن قوانين تضع حدا أدنى للسن المناسبة للزواج، بعدما رفضت إحدى المحاكم إبطال زواج فتاة في الثامنة من عمرها من رجل يكبرها بـ50 عاما.
وبعد تدخل عدد من المسئولين صادقت المحكمة في منطقة عنيزة على طلاق الطفلة ذات الثماني سنوات، التي زوجها والدها من رجل في الخمسينيات من عمره، وذلك بعد جدل كبير أثارته القضية محليا ودوليا، أظهرت الإحصاءات أن 3 آلاف فتاة سعودية تقل أعمارهن عن 13 عامًا تزوجن من رجالٍ يكبرهن بأكثر من 25 عامًا.
صفقة تجارية
وبرزت القضية في شهر أغسطس الماضي عندما زوج سعودي ابنته لرجل في الخمسينيات من عمره، وقامت على إثر ذلك والدة الفتاة بإقامة دعوى في محكمة عنيزة لإبطال هذا الزواج، قائلة: إن "الوالد الغارق في الديون زوج الفتاة لخمسيني متزوج من اثنتين في صفقة لسداد الدين".
وأثارت القضية ردود فعل في الصحف المحلية وتدخلت فيها لجان من حقوق الإنسان ووزارة العدل بالسعودية بعد أن أصبحت قضية رأي عام, خاصة أنها تنطبق على ما يعرف بزواج القصر.
رد فعل أمريكي
وأثارت قضية زواج القاصرات رد فعل قوي من جانب الإدارة الأمريكية، إذ عبر البيت الأبيض على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية روبرت وود عن أن الولايات المتحدة تعتبر هذه القضية "انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان".
وأضاف وود أن الولايات المتحدة عبرت مرارا عبر سفارتها في السعودية عن رفضها القاطع لهذا النوع من الزواج، مشيرا إلى أن هذه القضية "لا تثير قلق الولايات المتحدة وحسب، وإنما المجتمع الدولي ككل،" على حد تعبيره.
جدل اجتماعي
من جانب أخر ، أحدثت هذه القضية جدلا اجتماعيا واسعا في السعودية من حيث آثارها الاجتماعية، حيث اعتبرها البعض صفقات تم فيها بيع القاصرات لكبار السن من الميسورين تحت مسمى الزواج، فيما رأى طرف آخر أن زواج الكبار بالصغيرات يقلل من نسبة عنوسة الفتيات، في حين استبشر البعض بالتنظيم الجديد الذي يقنن زواج القاصرات، واعتبروه يصب في مصلحة الفتاة والحفاظ على المجتمع من مخاطر الطلاق وغيرها.
ولفت تقرير صحفي إلى حجم المصالح التي ستتحقق بعد إقرار التنظيم الجديد، من خلال الحد من ازدياد حالات الطلاق وقضايا الأحوال الشخصية، كما أنه سيحد من عملية المغالاة في المهور لدى 90% من حالات زواج القاصرات؛ اللاتي يتم تزويجهن برجال كبار في السن، طمعا في المال، بحسب التقرير الصادر عن صحيفة الوطن.