الفجوة تتسع يوما بعد يوم بين أوباما ونتتياهو بل وظهرت تحذيرات من أن واشنطن تخطط بالفعل للإطاحة بالحكومة الحالية في إسرائيل التي باتت تشكل عقبة أمام سياسة أوباما الجديدة التي تقوم على التقارب مع العالم العربي والإسلامي لتحسين صورة أمريكا من ناحية وللحصول على الأموال الخليجية والعربية اللازمة لإعادة الروح للاقتصاد الأمريكي المترنح من ناحية أخرى .
ففي مقال له بصحيفة "الجارديان في 3 يونيو / حزيران ، كتب الصحفي البريطاني سيمون تيسدال يقول إنه من الطبيعي أن تثير جولة أوباما بالشرق الأوسط حفيظة إسرائيل لأنه أهمل زيارتها بعد أن تبنى مؤخرا موقفا صارما من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
واستطرد قائلا :" يأخذ الإسرائيليون على إدارة أوباما تملصها من صفقة شفهية أبرمت بين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والسلطات الإسرائيلية، تتوقف إسرائيل بموجبها عن إنشاء مستوطنات جديدة، بينما تتغاضى واشنطن عن التوسع الطبيعي للمستوطنات الموجودة ، كما ينكرون عليها تنكرها لاتفاق شفهي آخر أبرم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون تحتفظ إسرائيل بموجبه بكل مستوطناتها في الضفة الغربية مهما كان الاتفاق النهائي مع الفلسطينيين".
المواقف السابقة أصابت نتنياهو بالذهول ، بل وحسبما أبلغ مقربون منه الصحفي البريطاني سيمون تيسدال دفعت نتنياهو للتساؤل بغضب بعدما طفح به الكيل "ماذا بالله يريد أوباما مني ؟!".
وانتهى تيسدال إلى القول إن رئيس وزراء إسرائيل يوجد في مأزق فهو يعلم أن الولايات المتحدة تمتلك سلاح مجلس الأمن الدولي، لكنه لا يستطيع المساس بالمستوطنات اليهودية في الضفة لأن ذلك سيعني نهايته ونهاية حكومته اليمينية".
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية لم تختلف كثيرا مع ما ذهب إليه تيسدال عندما أكدت في 2 يونيو / حزيران أنه لم يبق أي مجال للشك بأن سياسة حكومة بنيامين نتنياهو لا تلقي العطف في أروقة البيت الأبيض ونقلت في هذا الصدد عن مصادر حكومية إسرائيلية القول إن واشنطن تمارس ضغطا لتغيير تشكيلة الإئتلاف الحكومي الحالي.
ووفقا لتلك المصادر فإن خطوات إدارة الرئيس باراك أوباما كفيلة بأن تؤدي إلى خيارين أمام نتنياهو إما انتخابات مبكرة أو تغيير تركيبة الإئتلاف بحيث يتم إدخال حزب كاديما برئاسة تسيبي لفني إلى الحكومة.
وأضافت أن هذا الضغط الأمريكي يمارس أيضا تجاه رئيسة المعارضة تسيبي ليفني كي تتراجع عن معارضتها الانضمام إلى حكومة نتنياهو وتوافق على الدخول إليها لمنع تفاقم الخلافات مع الولايات المتحدة.
بل إن هناك من أشار أيضا إلى أن سياسة نتنياهو تهدد أمن الولايات المتحدة ، حيث كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية في مطلع يونيو أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشهد حاليا توتراً متزايداً يعد الأكبر من نوعه خلال عشرين عاماً وذلك بعد أن رفضت تل أبيب طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بوضع حد لبناء المستوطنات في الضفة الغربية ، وهو الأمر الذي اعتبره أوباما تهديدا لأمن الولايات المتحدة.
ووفقا للجارديان ، فإن النزاع الذي تفجر خلال الساعات السابقة للقاء أوباما مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعكس عمق التغيير في السياسة الأمريكية بعيداً عن استيعاب إسرائيل وباتجاه الضغط عليها لإنهاء سنوات من توقف المفاوضات حول إقامة دولة فلسطينية.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن روبرت مالي الخبير السابق لشئون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قوله:"إن المفاجأة ليست في هذا الموقف الإسرائيلي المتعنت بل تكمن في قوة الموقف الأمريكي السريع والواضح الذي لا يعطي مجالاً كبيراً لتملص الحكومة الإسرائيلية من تنفيذه".
واختتمت "الجارديان" بالقول:"إن السؤال الأهم هو إلى أي مدى سيستمر أوباما بالضغط على تل أبيب التي تتمتع بنفوذ قوي في الكونجرس الأمريكي".
وكان أوباما اجتمع مع عباس في واشنطن في 28 مايو / أيار الماضي وذلك بعد أسبوع من اجتماع مماثل عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 18 من الشهر ذاته .
ودعا أوباما خلال الاجتماع إسرائيل لوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة ، وشدد من جديد على حل الدولتين وقال إنه يشارك عباس مشاعره بأن الوقت هو لب المسألة وتعهد ببذل أقصى ما يستطيع كي تنطلق عملية السلام مع إسرائيل.
وفي المقابل ، رفض نتنياهو دعوة أوباما لتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية وتعهد بعدم فرض أي قيود على عمليات بناء تجمعات يهودية في القدس ، وقال أمام أعضاء حكومته :" إن طلب الوقف التام للبناء أمر لايمكن تبريره ولا أعتقد أن أحدا يجلس على هذه الطاولة يمكنه قبول ذلك".
الموقف السابق والذي جاء قبل زيارة أوباما للسعودية والقاهرة دفع البعض للقول إن حكومة نتنياهو لن تبقى طويلا في السلطة ، فأوباما كشر عن أنيابه ومصلحة أمريكا فوق الجميع بما فيهم إسرائيل.