دأبت دولة الاحتلال الإسرائيلي على بث زوابع دعائية يصنفها البعض على أنها مجرد تخاريف، تثبت من خلالها أنها لا تستحق السلام لأنها غير جديرة به، وكانت آخر هذه الفقاعات ما عرف بفيلم "منطقة مغلقة" الذي حمل هجوما على مصر وأكاذيب تاريخية لا تغفر تدعو من خلالها لمهاجمة مصر وتشويه صورتها والتشكيك في سيادتها على أراضيها وأن لإسرائيل الحق في سيناء دائما، بل وتخطي ذلك إلى إلقاء التهم عليها بأنها شريكتها في قتل أطفال فلسطين.
فعلى طريقة "دس السم في العسل" زعمت منظمة جياشا الإسرائيلية لحقوق الإنسان من خلال فيلم كارتون قصير لا يتعدي الدقيقة والنصف بعنوان "منطقة مغلقة" أنها تعمل لمصلحة الفلسطينيين وتحث من خلاله إسرائيل على الرفق بحالهم عن طريق فتح معابرها مع غزة، الوطن الأوحد للفلسطينيين على أراضيهم المحتلة، كما يؤكد الفيلم.
وهو ما جاء على لسان ساري باشي مديرة منظمة جياشا لحقوق الإنسان في إسرائيل، حيث تقول :"ندعو إسرائيل من خلال الفيلم إلى فتح المعابر مع غزة، والكف عن استخدام سكان القطاع كلعبة سياسية ضد حماس، ونطالب إسرائيل بالسماح للمدنين إلى استعادة الهدوء والطمأنينة في حياتهم اليومية"
بينما يمدح المخرج يوني جودمان فيلمه قائلا : "حاولت أن اضمن الشريط جانبا إنسانيا، واتمنى أن ينظر المشاهد إلى الفيلم بنوع من الحياد ولا يحاول أن يحشر نفسه في سجال الظالم والمظلوم، حتى يتأتى لنا التركيز على التغيير الذي ننشد احداثه"
غزة فقط
والتغيير الذي ينشده المخرج يظهر جليا من خلال ما يحويه فيلم "منطقة مغلقة" من أكاذيب وإفتراءات ومغالطات تحرص دائما إسرائيل على إنتاجها وترويجها بمنتهي البراعة، ففي دقيقة واحدة عرض لفيلم هذه الدعاوى الكاذبة :
يبدأ الفيلم بطفل فلسطيني ينطلق يريد حريته كما طائر يحلق في الجو، لكن يصطدم بأيدي تمنعه دائما الخروج من حدود غزة، حتى البحر لم يكن له ملاذا حيث أجبر على الخروج منه إلى غزة، وهي أرض الفلسطينيين الوحيدة كما صورها الفيلم بل وحددها دون الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها والتي كتب عليها إسرائيل، وهي أول مغالطة يعرضها الفيلم.
علم إسرائيل
معبر رفح وقد حمل علم مصر وإسرائيل معا
أما المغالطة الثانية الشنيعة فتأتي عندما يفكر الطفل العبور من معبر رفح المصري، الذي رفرف فوقه علم مصر وعلم إسرائيل في لفتة غريبة من الفيلم معتبرا أن لإسرائيل الحق في سيناء حتى الآن أو لعلها الأحلام التي لا تغادر خيالهم المريض أبدا، ولكنه يجد المعبر مغلق، وهي المغالطة الثالثة، حيث أن الإغلاق ليس هو السمة الوحيدة لمعبر رفح، الذي لا يجد الفلسطينييون أحياء وجرحى متنفس إلا من خلاله والعبور لمصر للحصول على المؤن أو للعلاج أو للسفر.
أما المغالطة الرابعة فتأتي عند اندفاع الطفل لمعبر رفح فتأتي يد مصرية لتمنعه ويحاول الطفل واليد تمنعه إلى أن جاءت يد إسرائيل فوق اليد المصرية وأكدت المنع، وهو إيحاء بأن مصر تتلقى الأوامر من إسرائيل بإغلاق المعبر أو فتحه، وهو ما يمس سيادة مصر على أراضيها، وهو ما يروج له الاحتلال.
وينتهي الفيلم والطفل تحاصره القذائف والقنابل من كل مكان ثم تحاصره الأيدى – المعابر- ويظل حبيسا بينما ينطلق صديقه الطائر في الجو محلقا.
من وراء التجويع ؟
وكان أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري قد شنوا هجوما عنيفا وغير مسبوق ضد إسرائيل على خلفية قيامها بانتاج وعرض فيلم يسيء إلى مصر حكومة وشعبا ويظهرها كما لو كانت السبب في ما يحدث للشعب الفلسطيني من حصار وتجويع .
وقال النائب محسن راضى، والذى قدم طلب إحاطة إلى اللجنة بخصوص الفيلم الإسرائيلي: إن إسرائيل تحاول الإساءة لمصر من خلال عرض فيلم مدته دقيقة ونصف الدقيقة لإيصال رسالة للعالم بأن مصر تقف وراء حصار الشعب الفلسطينى، وهو ما ظهر من خلال رفع العلمين المصرى والإسرائيلى على معبر رفح المصرى.
بينما وصف محمد مصطفى كمال مساعد وزير الخارجية المصري للشئون البرلمانية الفيلم بأن ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، وقال إن هذا الفيلم أنتجته منظمة حقوق إنسان إسرائيلية ليست تابعة للجيش الإسرائيلى، وأكد أنه شاهد الفيلم الذى "يدس السم فى العسل"، وقال: إن الفيلم يحمل مصر مسئولية حصار غزة، مؤكدا أن جميع مكاتب الخارجية بالخارج تقوم برصد جميع المقالات والبرامج التى تذاع فى الخارج وتقوم بالرد بنفس الأسلوب فى النشر.
سيناء .. حلم إسرائيل
من جانبه، وصف الدكتور مصطفى الفقى رئيس اللجنة، الإسرائيليين بالأوغاد وأنهم لا يتأثرون بأى شىء ولا يهمهم الرأى العام سواء العربى أو العالمى وأن هذه الدولة لا يهمها رضا الدول المجاورة، وقال: إن دولة إسرائيل هى دولة سرطانية استيطانية توسعية عدوانية.
يد اسرائيل فوق يد مصر
وأكد الفقى أن من يرى حدوث تغيرات إيجابية من دولة إسرائيل فهو مغيب، وقال: إن إسرائيل تستهدف المسلمين والمسيحين وإن هدفها هو إقامة الدولة اليهودية على أنقاض الشعوب العربية سواء إسلامية أو مسيحية.
وكشف الفقى عن وجود أطماع إسرائيلية فى سيناء، مشيرا إلى حديث رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق فى أحد المؤتمرات بالأردن، حينما قال: كيف نترك سيناء وهى خاوية من السكان بينما غزة مكتظة بالسكان.
لعبة السينما
وفي إطار متصل، يؤكد المراقبون أن الإعلام الصهيوني في أوساط الغرب، نجح وإلى حد كبير في تشويه الحقائق التاريخية والوقائع السياسية، بل إنه استطاع إخفاء مشاهد المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية منذ كفر قاسم ودير ياسين وقبية ونحالين وغيرها مستفيداً في ذلك من ضعف الإعلام العربي وهشاشته.
وأصبح الغرب يرى ما يحدث على أرض فلسطين من خلال المنظور الصهيوني، فترسخت اعتقادات في الرأي العام الغربي مفادها أن "إسرائيل" بلد صغير يحاول العرب "المتوحشون" التهامه، وانتشرت في وسائل الإعلام الغربية المختلفة صورة البداوة المتخلفة للعربي الواقف بين الجمل والخيمة الذي لا يرى أفقاً أمامه أبعد من كثبان الصحراء .
ومنذ ذلك الحين ، توظف وسائل الإعلام الصهيونية جميع إمكانياتها لخدمة الأهداف الاستعمارية ، فيصورها البعض بأنها جرأة يدعمها المال وتحركها الإمكانيات ، وأكاذيب وافتراءات يجسدها الممثلون وتصورها الكاميرات وتبثها دور العرض حول العالم.. فهذا بالضبط ما يحدث ضد كل من تسول له نفسه الوقوف في وجه اليهود ، فتنبري أجهزة الإعلام المأجورة لمهاجمته بكافة الأسلحة، وأقربها للتأثير في عقول البشر، بهدف تشكيل الرأي العام وهي السينما .
300 أسبرطي
فالسينما تتميز بعشق الكثيرين حول العالم، وبواسطتها يجيد اليهود لعبة "دس السم في العسل"، وأثر نشوب الأزمة السياسية بين أمريكا وإسرائيل المحتلة من ناحية وإيران من ناحية أخرى، طرحت هوليود الفيلم التاريخي "300 أسبرطي"، الذي حقق أعلى الإيرادات في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصد في أسبوعه الأول 71 مليون دولار . وقد عمد زاك سنايدر مخرج الفيلم، إلى إظهار شعب أسبرطة في غاية الرقى والتحضر والمدنية، واحترام المرأة من خلال ملكهم "ليوناردوس".
الفيلم يحدد ارض الفلسطينيين بغزة فقط
وعلى الجانب الآخر، يصور الفيلم الفرس كشعب غاية في القبح فهو عبارة عن مجموعة من المتوحشين ومصاصي الدماء يعشقون القتل وإبادة الشعوب ويستخدمون كافة الأساليب العجيبة للانتصار علي أعدائهم من سفاحين وأفيال وخراتيت وسحره، كما أنهم يستخدمون المرأة كأداة لتحقيق مأربهم .
كما يظهر الفيلم الملك كسرى ملك الفرس بصورة تنافي الواقع، فهو رجل أسمر ضخم الجثة أقرع، يملأ جسده بالذهب يضع الكحل والروج ويهتم برسم حاجبيه، وهي الصفات التي أكد البعض أنها مواصفات ملك أسبرطة، الذي صوره الفيلم بلحية وشعر وهي صفات ملك الفرس كسرى في الحقيقة .
وهذه الملامح تخدم أهداف الفيلم، التي أكدتها صحيفة «تانيا» اليونانية بقولها : "إن الفيلم يريد الربط بين تهديد الفرس لليونان والمشكلة الحالية بين أميركا وإيران كما يريد استغلال الكراهية العرقية المدفونة في عقول الأمريكيين والأوروبيين