الاصل في الكذب هو الحرمة لما فيه من مضار علي الفرد والأسرة والمجتمع فالإسلام يحذر من الكذب بوجه عام ويعده من خصال الكفر والنفاق ومع ذلك فهناك كذب مشروع لا يأثم فاعله وهو الكذب في الحرب لأنها تحتاج إلي الخداع والتمويه لتحقيق النصر كما يشرع الكذب الذي يرجو به المرء نفع نفسه ولا ضرر فيه علي غيره ككذب الرجل لامرأته فيما يقوله لها عن حبه ليصلحها ان كانت غضبي كما يشرع الكذب لرفع مظلمة عن أحد كأخفائه وانكاره عمن يريد قتله أو الحاق الضرر به ظلما وقد استدل العلماء علي هذا المعني في الحديث الذي اخرجه مسلم في صحيحه عن أم كلثوم رضي الله عنها قالت: ما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم: يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الاصلاح بين الناس والرجل يقول القول في الحرب. والرجل يحدث امرأته. والمرأة تحدث زوجها فمن اراد الاصلاح بين الخصمين جاز له الكذب من زيادة في الكلام الطيب أو بشيء من تزيين الكلام علي الآخر وانكار ما قاله احدهما في الآخر من سب واهانة وكذلك اجاز الشرع للمسلم ان يكذب حتي لا يكشف الاسرار ولا يقول المعلومات عن جيش المسلمين بل الواجب اخفاء ذلك عن العدو لأن الحرب خدعة وكذلك يجوز للزوج أو الزوجة من كلام في المبالغة ان لا يخبر احدهما الآخر عن ماضيه العاطفي. ومن الحكمة والصواب ان لا يبوح الواحد للآخر عن مشاعر واحاسيس حين يكون الصدق فيها مساً لمشاعر الآخر وذلك ابقاء علي الحياة الزوجية واستمراراً فيها ومنعاً لهدمها وحفاظاً علي بقاء الأسرة.
والله أعلم