باريس: طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلاثاء بكشف حقيقة مذبحة الرهبان في تيبرين بالجزائر عام 1996 وقال إنه سيرفع السرية عن كل الوثائق التي يطلبها القضاء الفرنسي.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن ساركوزى القول خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البرازيلي ايناسيو لولا دا سيلفا في باريس : "أقول لكم شيئا أريد الحقيقة".
وأضاف أن العلاقات بين الدول الكبرى تقوم على أساس الحقيقة وليس على الأكاذيب ، قائلا :" أقول بالطريقة الأوضح أنه بالطبع سأرفع السرية عن كل وثيقة يطلبها منا القضاء ليس هناك أي طريقة أخرى لمعرفة الحقيقة".
واختتم قائلا :" لا يمكننا القول إن الصداقة بين الشعوب وبين الدول يمكن أن تقاوم الأكاذيب ويجب توضيح الملابسات، ليس هناك شيء لإخفائه وبكل الأحوال من وجهة نظري، أنا مصمم فعلا على أن يتم إلقاء الضوء على ذلك".
وكان الملحق العسكري السابق في السفارة الفرنسية بالجزائر الجنرال المتقاعد فرنسوا بوشوولتر كشف في شهادته أمام القضاء في 25 يونيو الماضي أن مذبحة الرهبان في تيبيرين في 1996 كانت خطأ ارتكبه الجيش الجزائري الذي نسب مسئوليتها للجماعة الإسلامية المسلحة .
وأضاف في تصريحات لصحيفة "فيجارو" في 6 يوليو أنه أكد للقاضي المتخصص في قضايا الإرهاب مارك تريفيديك في 25 حزيران/يونيو أن عسكريا جزائريا سابقا شارك شقيقه في الهجوم أبلغه بأن مروحيات من الجيش الجزائري حلقت فوق معسكر مجموعة مسلحة وفتحت النار ثم أدركت أنها لم تصب فقط عناصر في الجماعة الإسلامية المسلحة بل أيضا رهبانا.
وأضاف الجنرال بوشوولتر أنه علم بما حدث بعد أيام من جنازة الرهبان ورفع تقارير إلى رئاسة أركان الجيوش الفرنسية والسفارة لكنها لم تلق ردا.
وكان الرهبان الفرنسيين السبعة خطفوا ليل 26 إلى 27 آذار/مارس 1996 من ديرهم المعزول في جنوب الجزائر الذي يقع وسط احراج تسيطر عليها مجموعات إسلامية مسلحة .
وأعلنت الجماعة الأسلامية المسلحة التي كان يتزعمها جمال زيتوني في 26 نيسان/ إبريل 1996 مسئوليتها عن عملية الخطف واقترحت مبادلة الرهبان بناشطين إسلاميين معتقلين وهددت قائلة :" إذا أفرجتم عن المعتقلين نفرج عن الرهبان وإذا لم تفعلوا سنذبحهم".
وفي 23 أيار/مايو 1996 ، أعلنت الجماعة الإسلامية أنها أعدمت الرهبان في 21 ايار/مايو ، متهمة الحكومة الفرنسية بأنها لم تحترم المفاوضات ، وفي 26 تموز/يوليو أعلن مقتل قائدها في اشتباك مع فصيل معاد.
وفي العاشر من شباط/فبراير 2004 ، فتحت النيابة العامة في باريس تحقيقا قضائيا ضد مجهول بعد شكوى قدمتها أسرة أحد الرهبان.
ويرى محامي الأطراف المتقاضية باتريك بودوان أن شهادة الجنرال الفرنسي السابق دليل على أنه تم إخفاء معلومات من قبل الجزائر وباريس ، موضحا أن الشهادة تتمتع بمصداقية وتشكل تقدما كبيرا في الملف.
وصرح بأنه يستعد لأن يطلب رفع السرية للحصول على التقارير التي أرسلها فرنسوا بوشوولتر إلى رئيس أركان الجيوش والسفارة ، وينوي أيضا طلب الاستماع إلى ارفيه دو شاريت الذي كان في حينها وزيرا للخارجية وعملاء في الاستخبارات الفرنسية وعقد جلسة استماع جديدة لميشال ليفيك السفير الفرنسي في الجزائر في حينها.
ويرى مراقبون أن تجدد الحديث عن هذه القضية يسلط الضوء على الجوانب المظلمة في العلاقات الفرنسية الجزائرية .