إن البارئ تبارك وتعالى أحكم بناء كتابة بشكل لا يمكن لأحدٍٍ أن يأتي بمثله، فرتب الحروف والكلمات بنظام رياضي عجيب وفريد. ومن أغرب الأنظمة الرياضية هو توزع حروف أسماء الله الحسنى وهما (الرَّحْمنِ) و(الرَّحِيمِ). وقبل اكتشاف النظام الرياضي لحروف هذين الاسمين في البسملة يجب أن نتدبّر معنى ودلالات كل اسم.
نحن نعلم أن الشدة عكس الرحمة وقد جَمَعَت الآية صفتين لله عز وجل: صفة التَّنْزيه والشدة والقوة والعَظَمَة والجبروت وتمثلها كلمة (الرَّحْمنِ)، وصفة الرحمة والمغفرة والرأفة والتوبة وتمثلها كلمة (الرَّحِيمِ).
إذن نحن أمام صفتين متعاكستين من حيث الدلالة اللغوية والبلاغية، والسؤال: ماذا عن النظام الرقمي لهاتين الكلمتين ؟ وهل من الممكن أن نجد تعاكساً رقمياً يتفق مع التعاكس اللغوي ؟ هذا ما سوف نشاهده فعلاً من خلال دراسة توزع حروف هذين الاسمين الكريمين على كلمات الآية، لذا نجد أن الأعداد الناتجة تقبل القسمة على سبعة باتجاهين متعاكسين!!
وهنا نكتشف شيئاً جديداً في الرياضيات القرآنية وهو قراءة الأعداد باتجاهين متعاكسين! وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله تعالى للدلالة على أنه كتاب مُحكَم: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 11/1].
والذي يبحث في كتاب الله عن هذين الاسمين يجد أن كلمة (الرَّحْمنِ) غالباً ما ترد في مواضع الشدة ومواضع التنْزيه لله تعالى، مثل: (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً) [مريم: 19/92]. وقوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنِ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) [الأنبياء: 21/26]. وقوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنِ وَقَالَ صَوَاباً) [النبأ: 78/38].
بينما نجد كلمة (الرَّحِيمِ) غالباً ما ترد في مواضع الرحمة والمغفرة والتوبة مثلا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ) [الزمر: 39/53]. وقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمِ) [التوبة: 9/104].
ويتجلى في البسملةنظامان رقميان لكلمة (الرَّحْمنِ) وكلمة (الرَّحِيمِ) وبما أننا في هاتين الكلمتين أمام نظام لغوي متعاكس، فالشدة تعاكس الرّحمة، سوف نرى بأن النظام الرقمي لحروف الكلمتين أيضاً متعاكس.
توزع حروف اسم (الرَّحْمنِ)
لنكتب آية البسملة وتحت كل كلمة ما تحويه هذه الكلمة من حروف (الرَّحْمنِ) سبحانه وتعالى، أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:
ا ل ر ح م ن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1 3 6 5
توزع حروف (الرَّحْمنِ) في الآية يمثله العدد 5631 معكوس هذا العدد هو 1365 أي نقرأ العدد الخاص بكلمة (الرَّحْمنِ) من اليمين إلى اليسار فيصبح من مضاعفات السبعة:
1365 = 7 × 195
توزع حروف اسم (الرَّحِيمِ)
الآن نكتب الآية وتحت كل كلمة ما تحويه من حروف (الرَّحِيمِ) أي ما تحويه كل كلمة من الحروف:
ا ل ر ح ي م:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
1 3 5 6
توزع حروف (الرَّحِيمِ) في الآية ويمثله العدد 6531 وهو من مضاعفات السبعة أيضاً:
6531 = 7 × 933
إذن النظام المُحكَم ينطق بالحق، فقد انعكس اتجاه القراءة للأرقام عندما انعكس المعنى! وهذه النتيجة الرقمية تثبت أن في كتاب الله اتجاهين لقراءة الأعداد بما يتناسب مع معنى النص القرآني، فهل هذه هي المثاني التي تحدث عنها البيان الإلهي؟
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
¬
قد يكون هذا النظام أحد جوانب المثاني في القرآن، يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 39/23], والله تعالى أعلم. نعيد كتابة الحقائق الرقمية لتوزع حروف أسماء الله تبارك وتعالى والواردة في أول آية من كتاب الله تعالى ونتأمل:
الآية بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
توزع حروف(الله) 0 4 2 2
توزع حروف (الرَّحْمنِ) 1 3 6 5¬
توزع حروف (الرَّحِيمِ) 1 3 5 6
إن العدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الله)من مضاعفات السبعة
باتجاه اليمين ، أما العدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحْمنِ) فهو من مضاعفات السبعة باتجاه اليسار، والعدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحِيمِ) يقبل القسمة على سبعة باتجاه اليمين. إذن نحن أمام اتجاهات:
¬
وهذه الاتجاهات تدل على أنه لا مصادفة في كتاب الله تعالى، وأن هذا النظام المبهر ليس من صنع بشر.
إذا ما تأملنا هذه الاتجاهات وكيف انضبطت مع الرقم سبعة، نتساءل: هل هي المصادفة التي جعلت أول جملة في كتاب الله تحوي ثلاثة أسماء لله؟ وهل المصادفة هي التي جعلت حروف كل اسم من هذه الأسماء الثلاثة يتوزع على كلمات الآية بنظام سباعي؟ وهل المصادفة علمت بأن صفة (الرَّحْمنِ) تعاكس صفة(الرَّحِيمِ) فجعلت الأرقام متعاكسة؟
رأينا كيف تتوزع حروف محددة في البسملة بنظام سباعي ولكن السؤال: هل يكفي هذا النظام لتوزع الحروف لضبط وإحكام الآية وحفظها من التحريف ؟ إن هذا النظام كافٍ ولكن من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده وضع مزيداً من الدلائل على صدق آياته وأن كل حرف في كتابه معجزة بحد ذاته.
إن الله تعالى هو الذي أنزل القرآن وأحكمه بنظام معجز ليثبت لمن يشك فيه أنه كتاب من عند الله عز وجل القائل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 41/53].
حروف أول كلمة وآخر كلمة
إن النظام الرقمي المُحكَم يشمل أول وآخر البسملة، فأول كلمة فيها هي (بسم)عدد حروفها3 وآخر كلمةفيهاهي (الرَّحِيمِ)عدد حروفها 6، لنكتب هذه النتيجة:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
3 6
إنّالعدد الذي يمثل حروف أول كلمة وآخر كلمة هو 63 هذا العدد مضاعفات السبعة:
63=7×9
إذن أول البسملة يرتبط بآخرها برباط مُحكَم يقوم على الرقم سبعة، وهذا أمر طبيعي لأن أي بناء حتى يكون متماسكاً يجب أن يرتبط أوله بآخره و إلا لانهار البناء!كما أن هذه النتيجة تدل على أن الله تعالى أحكم كتابه العظيم بنظام مُحكَم، وأنه لو قام أحد من البشر بتحريف القرآن وإضافة أو حذف شيءٍ منه لاختل هذا البناء العجيب.
نظام تكرار الحروف
تتألف: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من 10 أحرف أبجدية , نذكرها حسب الأكثر تكرارًا مع تكرار كل حرف من هذه الأحرف في البسملة:
تكرر حرف اللام في البسملة 4 مرة
تكرر حرف الألف في البسملة 3 مرة
تكرر حرف الميم في البسملة 3 مرة
تكرر حرف الراء في البسملة 2 مرة
تكرر حرف الحاء في البسملة 2 مرة
تكرر حرف الباء في البسملة 1 مرة
تكرر حرف السين في البسملة 1 مرة
تكرر حرف الهاء في البسملة 1 مرة
تكرر حرف النون في البسملة 1 مرة
تكرر حرف الياء في البسملة 1 مرة
نصفُّ هذه التكرارات بهذا التسلسل لنجد:
ل م ا ر ح ب س ه ن ي
4 3 3 2 2 1 1 1 1 1
المذهل أن العدد الذي يمثل تكرار كل حرف من هذه الأحرف مصفوفاً يقبل القسمة على سبعة:
1111122334 = 7 × 158731762
إن ترتيب الحروف حسب الأكثر تكراراً له أساس في علم الرياضيات فيما يسمى بالتصنيف والنِّسَب. وهذا نظام موجود في عمل الكمبيوتر حيث يقوم بترتيب معطيات معينة حسب نظام معين. إن وجود نظام لتكرار الحروف بتسلسل رياضي (الأكبر فالأصغر) في القرآن دليل على السبق العلمي للقرآن في علم التصنيف. ونتساءل بعد هذه السباعيات المتكررة: كيف جاءت هذه التوافقات مع الرقم سبعة؟ هل هي بترتيب بشر؟ أم هي من عند ربِّ البشر تبارك وتعالى؟
ونظام تراكمي للحروف
مهما تنوعت طرق العد والإحصاء يبقى النظام قائماً، فلو قمنا بعدّ حروف كل كلمة من كلمات البسملة بشكل مستمر أي حروف الكلمة مع ما قبلها، سوف يبقى العدد الذي يمثل مصفوف حروف البسملة وفق هذه الطريقة من مضاعفات الرقم سبعة. لنكتب البسملة وتحت كل كلمة عدد حروفها مع ما قبلها:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
3 7 13 19
إن العدد الذي يمثل حروف الكلمات بهذه الطريقة هو: 191373 من مضاعفات السبعة أيضاً:
191373 = 7 × 27339
إن هذا النظام يبقى مستمراً حتى لو قمنا بعكس عملية العدّ، فإذا ما عددنا حروف الكلمات تراكمياً ولكن من اليسار إلى اليمين فسوف نجد:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
19 16 12 6
والعدد في هذه الحالة هو 6121619 من مضاعفات السبعة:
6121619 = 7 × 874517
إذن كيفما عددنا الحروف وفي أي اتجاه، تبقى الأرقام منضبطة على الرقم سبعة، ويبقى القرآن كتاباً مُحكَماً، كيف لا وهو أعظم كتاب على وجه الأرض! إنه الكتاب الذي قال الله عنه: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) [الإسراء: 17/88].
ارتباط البسملة بالمعوذتين
إننا نلمس في ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) استعانة بالله واستعاذة به ولجوءاً إليه، ولذلك سوف نرى نظاماً مذهلاً في حروف هذه البسملة العشرة في كلمات سورتي: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ).
سورة الفلق
من عجائب البسملة ارتباط حروفها بسور القرآن, وهذا ما نلمسه في توزع حروف البسملة على كلمات المعوذتين , ونبدأ بالسورة ما قبل الأخيرة من القرآن، سورة الفلق. لنخرج ما تحويه كل كلمة من كلمات هذه السورة من حروف البسملة:
ل م ا ر ح ب س ه ن ي
(مع ملاحظة أن هذا النظام يبقى قائماً مع البسملة ومن دونها )، إذن ندرس العدد الذي يمثل الحروف المشتركة بين البسملة وبين أولى المعوذتين:
قل أعوذ برب الفلق من شرّ ما خلق
1 1 3 3 2 1 2 1
و من شرّ غاسق إذا وقب و من شرّ النفثت
0 2 1 2 2 1 0 2 1 3
في العقد و من شرّ حاسد إذا حسد
1 2 0 2 1 3 2 2
خالد الرواضيه