التاريخ :7/12/1426 هـ الاولاد أسماء بنت عمر باعباد
مكانة التربية في الإسلام وصفات المربي
حث الإسلام على تربية الأبناء ومحاولة وقايتهم من النار، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)) (التحريم: 6) .
قال قتادة يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصية الله، وأن يقوم عليهم بأمر الله، ويأمرهم به، ويساعدهم عليه، فإذا رأيت معصية لله قد ردعتهم عنها وزجرتهم عنها[1].
وقال تعالى: (( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ)) (النساء:11) .
قال الشيخ ابن سعدي- رحمه الله-: أولادكم يا معشر الوالدين ودائع قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، وتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام، كما قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)) (التحريم:6) .
فالأولاد عن والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب، وهذا مما يدل على أن الله عز وجل أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين من كمال شفقتهم عليهم[2].
ونجد الرسول- صلى الله عليه وسلم- يحمل الوالدين مسؤولية تربية الأبناء مسؤولية كاملة، فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: (( كلكم راعِ ومسؤول عن رعيته، فالرجل راعِ ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعِ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعِ ومسؤول عن رعيته)) . متفق عليه.
حتى أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- يضع( قاعدة أساسية مفادها: أن الابن يشب على دين والديه، وهما المؤثران القويان[3])، ولا شك أن للتربية دورٌ فعال، فالأولاد يولدون على الفطرة، ثم يأتي دور التربية في المحافظة على هذه التربية أو الانحراف بها، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه كما تُنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تُحسون فيها جدعا، ثم يقول أبو هريرة: ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)). متفق عليه.
يقول ابن الجوزي: أقوم التقويم ما كان في الصغر، فأما إذا تُرك الولد وطبعه فنشأ عليه ومُرِن كان رده صعباً.
يقول الشاعر :
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل وليس ينفع من ذا الشيبة الأدب[4]
صفات المربي الناجح.
للمربي الناجح صفات كلما ازداد منها زاد نجاحه في تربية ولده بعد توفيق الله، أهمها:
* العلم: لا بد أن يكون لدى المربي قدرٌ من العلم الشرعي، إضافةً إلى فقه الواقع المعاصر، وإذا كان المربي جاهلاً بالشرع فإن أولاده ينشؤون على البدع والخرافات، وقد يصل الأمر إلى الشرك بالله والعياذ بالله.
* الأمانة: تشمل كل الأوامر والنواهي التي تضمنها الشرع في العبادات والمعاملات، ومن مظاهرها أن يكون حريصاً على أداء العبادات آمراً بها أولاده، ويكون قدوةً في بيته ومجتمعه، يسلك في حياته خُلُقاً فاضلا مع القريب والبعيد في كل مكان.
* العدل: وقد كان السلف خير أسوة في العدل بين أولادهم، حتى كانوا يستحبون التسوية بينهم حتى في القُبَل.
* الحرص: وهو مفهوم تربوي غائب في كثير من حياة الأُسر، فيظنون أن الحرص هو الدلال أو الخوف الزائد عن حده، والملاحقة الدائمة، ومباشرة جميع حاجات الطفل دون الاعتماد عليه، وتلبية جميع رغباته، فالحرص المثمر الحقيقي هو إحساس متوقد، يحمل المربي على تربية ولده وإن تكبد المشاق، أو تألم لذلك الطفلُ، وله مظاهر:
- دعاء الوالد لولده: لأنه يكون أقوى عاطفة وإلحاحاً.
- المتابعة والملازمة: لأن العملية التربوية مستمرة وطويلة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (( ألزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم)) .
- الصلاح: فإن لصلاح الوالدين أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية بإذن الله، قال تعالى: (( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)) (الكهف:82) .
- الحكمة: وهي وضع كل شيء في موضعه، أو بمعنى آخر تحكيم العقل وضبط الانفعال، وينبغي من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت، لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية[5].