المذيعة الأوروبية كريستيان بيكر ل "المساء":
تكريم الرئيس مبارك لي غداً.. وسام علي صدري
اعتنقت الإسلام لمبادئه السمحاء.. زوجات الرسول قدوة في حياتي
مؤتمر الأوقاف نجح في التقريب بين الحضارات.. ولكن ينقصه حضور إعلام الغرب
محمد عمر
أشعر بسعادة كبيرة.. لتكريمي من الرئيس مبارك غداً
القرآن يمنحني قوة غامضة .. وأدخل من خلاله في حوار مباشر مع الله
إحساس الإسلام بالفقراء.. السبب الرئيسي لاعتناق هذا الدين العظيم
أكدت المذيعة الأوروبية الشهيرة كريستيان بيكر والتي اعتنقت الإسلام منذ 15 عاماً أن تكريم الرئيس حسني مبارك لها غداً ضمن المكرمين في احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوي وسام علي صدرها.. مؤكدة أن الأوروبيين يعرفون عن الرئيس مبارك أنه يقدر دور العلماء والمفكرين خاصة الذين يساهمون في نشر الدعوة الإسلامية ولهم دور كبير في هذا المجال.
قالت كريستيان في حوارها مع "المساء" علي هامش مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الإسلامية انها اعتنقت الإسلام عندما قرأت عن مبادئه السمحاء وحبها للنجم الباكستاني في رياضة الكراكيت عمران خان والأعمال الخيرية التي يقوم بها للفقراء المسلمين.
أضافت أنها مسلمة أوروبية معاصرة ورغم أنها لم ترتد الحجاب إلا أنها تخلصت من ملابسها العارية واشترت ملابس محتشمة لا تظهر جسدها لأن الإسلام يوفر لها حماية الجسد.
أكدت كريستيان انها تعتبر زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم قدوة حسنة لها ولغيرها من المسلمات الأوروبيات نظراً لأنهن كن يتمتعن بشخصيات قوية أثرت في المجتمع الإسلامي.
وعن النصيحة التي تقدمها للمرأة المسلمة تقول: أن تتمسك بكتاب الله وسنة نبيه خاصة أن الإسلام كرمها ومنحها حقوقها كاملة.
قالت: إن الحوار مع الغرب لا بديل عنه رغم العقبات التي تواجه الإسلام في الخارج لأن هناك قضايا ومصالح مشتركة بين الطرفين.
أشارت إلي أن مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الإسلامية نجح في التقريب بين الحضارات والأديان لكن ينقصه التغطية الإعلامية الغربية حتي يحقق الهدف وتتغير الصورة الخاطئة عن الإسلام في الغرب.
كريستيان بيكر صحفية ومذيعة تليفزيونية أوروبية مشهورة من أصل ألماني.. اعتنقت الإسلام عام 1995 أي منذ 15 عاما.. عملت في قناة MTV من سنة 93 الي 95 ثم انتقلت إلي العمل في قناة الشباب BRAVO TVتت .
ألفت كتابا يحمل عنوان من MTV الي مكة كيف غير الاسلام حياتي تناولت فيه قصة حياتها قبل ان تعتنق الإسلام وماتخللته من شهرة ونجومية الي النقيض تماما والتزامها بمنهج الدين والوسطية والنظر الي ماهو أعمق وأبعد في هذه الحياة.
ونظرا لما قدمته من أعمال خيرية بعد اعتناقها الاسلام والعمل علي إثراء الدعوة الإسلامية في الغرب وتصحيح الصورة الخاطئة عن الاسلام والمسلمين في الخارج رشحتها وزارة الأوقاف ضمن المكرمين الذين سوف يكرمهم الرئيس حسني مبارك غدا في احتفال الوزارة بالمولد النبوي الشريف.
"المساء الديني" التقت بكريستيان بيكر أثناء حضورها مؤتمر المجلس الأعلي للشئون الاسلامية في حوار نابع من القلب لتروي حياتها قبل الاسلام وبعده.. وماهو السبب في اعتناقها لهذا الدين.. وقضايا أخري قام بترجمتها الدكتور القس ثروت قادس الذي يشارك في المؤتمر.
* في البداية .. كيف يمثل لك تكريم الرئيس مبارك؟
** شئ عظيم أن يكرمني قائد إسلامي يتميز بالحكمة والخبرة فالرئيس مبارك يعرف عنه الاوروبيون انه يقدر دائما العلماء الذين يقدمون اعمالا تخدم الاسلام والمسلمين.. لهذا اعتبر هذا التكريم وساما علي صدري .. وسوف تظل هذه الذكري في عقلي لن أنساها طوال حياتي.
* هل كرمك قائد مسلمن قبل؟
** الحقيقة انه تم تكريمي في بعض المناسبات سواء في أوروبا أو في آسيا.. لكن لم يتم تكريمي من قبل قائد عربي في مكانتة الرئيس مبارك.
* نعود لحياتك قبل الإسلام .. كيف كانت ؟
** رغم النجومية الشديدة التي تمتعت بها. والفرص التي اتيحت لي للقاء الشخصيات الشهيرة حول العالم. والحوارات التي أجريتها مع شخصيات فنية وافخم الفنادق التي اقمت فيها وسفرياتي المتواصلة في التسعينيات بين لندن ونيويورك وميونيخ. وتقديمي لمهرجانات وحفلات كان يحضرها في بعض الاحيان 75 الف متفرج.. الا انني كنت اشعر دائما بأن هناك شيئا ناقصا وأنني غير سعيدة.
* ماهي بدايتك مع الاسلام؟
** كان ذلك في التسعينيات عندما تعرفت بنجم رياضة الكراكيت الباكستاني عمران خان ووقعت في حبه وانتقلت معه الي الاقامة في باكستان وكان مهتما بأعمال الخير وبني مستشفي للفقراء وهناك اتيحت لي الفرصة للاحتكاك بالفقراء وكتبت في هذا الصدد خاصة أنني كنت أتأثر بهم وكانت أعينهم تلمع بشئ ما غامض عندما انظر اليهم. ورغم انهم لايملكون شيئا من حطام الدنيا الا انهم مستعدون دائما بالفطرة النقية لمشاركة الاخرين مايملكون. ويتمتعون باداب القناعة والبساطة التي كان الاسلام مصدرها.. وعندما أعجبني ذلك وتقربت منهم أكثر ووجدتهم لايهتمون بالمظاهر الدنيوية لان عندهم هدفا أسمي وأرقي وهو الله وكانت هذه بداية التحول.. ورغم ان الحب مع عمران خان هو الذي عرفني هذا الطريق الا ان شعلته انطفأت بعد سنوات وظلت مشتعلة مع الله ودين الاسلام والان اشعر بسعادة وأنا أكتب واتحدث عن الاسلام اكثر بكثير مما كنت أشعر به وأنا أتحدث عن "مادونا" وعلاقاتها المتعددة.
قراءة القرآن
* كيف غير الاسلام حياتك؟
** الاسلام بالنسبة لي يعني أكثر من مجرد 5 صلوات في اليوم. بل يحوي كل شئ. فهو نوع من انواع تربية الشخصية والمرء دائما منه في ازدياد.. وبعدما كانت تنحصر اهتماماتي في الموسيقي والحفلات واخبار زواج وطلاق نجوم الفن اصبح الان اهتمامي المفضل قراءة القرآن حيث يبهرني وضوح الرسالة بداخله والمنطق الذي يتمتع به. والتعرف علي السيرة النبوية. والتعمق داخل الفن والمعمار الاسلامي.
* بماذا تشعرين وأنت تقرأين القرآن؟
** أشعر بأنني أدخل في حوار مباشر مع الله دون وساطة ثالث فهو يمنحني قوة غامضة.. ولكن لا أخفي عليك أنني أبذل جهدا كبيرا في تفسير بعض الايات وأحيانا أحتاج لعالم دين ليشرح لي معني بعض الايات القرآنية.
ارتداءالحجاب
* يتهمك البعض بضعف الايمان نتيجة عدم ارتدائك للحجاب فكيف تردين عليهم؟
** أنا مسلمة أوروبية عصرية وبدون حجاب عصرية أكثر. وهذا لاينفي اسلامي فأنا مسلمة ذات ايمان عميق ولكني لا ارفض الثقافة والحضارة الغربية بالرغم من أنني لايعجبني أحيانا بعض مفردات هذه الثقافة. ولكن أؤمن بحرية الافراد في فعل مايريدون وبعد دخولي الاسلام تخلصت من كافة ملابسي العارية. وقررت شراء ملابس محتشمة لاتظهر جسدي فالاسلام يوفر لي حماية الجسد أيضا واقلعت نهائيا عن احتساء المشروبات الكحولية.
زوجات الرسول قدوة
* من هي القدوة التي تتخذينها؟
** زوجات الرسول اعتبرهن قدوتي لانهن كن شخصيات قوية في المجتمع وأوضح ذلك دائما في محاضراتي التي القيها عن الاسلام في المانيا.. ولا اخفي عليك انني اشرت لذلك في كثير من وسائل الاعلام الاوروبية والندوات التي اتحدث فيها عن زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم.
* ماهو رد فعل من حولك عندما علموا باعتناقك للاسلام؟
** عندما تحولت الي الاسلام جاءت المضايقات من الأصدقاء والزملاء ومن ثم فقد الوظيفة في بعض القنوات التليفزيونية التي كنت أعمل بها. إلا أنني بقيت صامدة معتمدة علي قناعتي وثقافتي والشئ الذي ملأ الفراغ الذي كنت اشعر به.
* هل انت حريصة علي أداء العبادات؟
** منذ إعلان اسلامي عام 1995 وانا اصوم شهر رمضان. وأؤدي الصلاة بانتظام خمس مرات يوميا.
* هناك بعض الاشكاليات التي تثار في الغرب عن حقوق المرأة في الاسلام ماردك علي هذه الافتراءات؟
** للاسف الفكرة الشائعة في الغرب ان الاسلام يقمع المرأة وهذا ليس صحيحا لكن يمكن القول ان الرجال هم الذين يقمعون النساء وحتي اذا كانت هناك أقاويل يتذرع بها مهاجمو الاسلام بأن هناك ظلما أو قهرا يقع علي نساء مسلمات في بعض الدول الاسلامية. فعلي العكس فان الاسلام كرم المرأة وجعلها مثل الرجل في الثواب والحقوق.
* وبماذا تنصحين المرأة المسلمة؟
** ان تستمسك بالقرآن والسنة وان تعود الي المصادر التي لاخلاف فيها وفي مقدمتها القران والسنة التي نتفق عليها جميعا نحن المسلمين وأن تأخذ الكتاب ودين الله تبارك وتعالي بقوة دون تلاعب ودون ان نقول هذه سنة وهذا فرض ولكن علينا ان نستمسك بكتاب الله سبحانه وتعالي بالاضافة الي ان الاسلام كرم المرأة فقد ذكر الله سبحانه وتعالي في القران الكريم سورة كاملة باسم "النساء" وذكر نساء من الفضليات وعلي رأسهن مريم ابنة عمران عليها السلام.. والسيدة خديجة رضي الله عنها وأمهات المؤمنين ثم بنات النبي صلي الله عليه وسلم.
والنصيحة الأخيرة اجعلوا الله تبارك وتعالي في قلوبكم.
* وماهي احوال المرأة المسلمة في المانيا؟
** المرأة المسلمة في المانيا مهضوم حقها وتعتبر مواطنة من الدرجة الثانية وقد اوضحت في كتابي كيف ان الاسلام انصف المرأة واعطاها كل حقوقها كاملة فالمرأة في ظل الاسلام تبوأت مكانة عظيمة لم تحظ بمثلها في أي نظام اجتماعي آخر.. فقد حظيت بأرقي المناصب وفي كل المجالات تقريبا.. وقد كرمها الاسلام منذ 1400 عام عندما اعطاها اهليتها في التملك وفي الزواج والطلاق وكل شئ.
* هل تعرضت لمضايقات بعد احداث 11 سبتمبر؟
** احداث 11 سبتمبر كان موقفا صعبا لي فقد أضرت هذه العمليات بالاسلام والمسلمين لأن هذا يتنافي مع الاية الكريمة التي تقول "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" فالاسلام هو دين سلام ولايوجد في الاسلام تعصب. فكلمة الاسلام تعني السلام أي الهدوء وليس العنف.
الحوار مع الغرب
* كيف ترين مستقبل الحوار بين الغرب والعالم الاسلامي؟
** الحوار مع الغرب له أهمية كبيرة للطرفين في ظل وجود قضايا ومصالح مشتركة بينهما ونحن نعمل للتعاون البناء معهم وفق ضوابط واحترام كل منا للاخر فالحوار ضرورة ولابديل عنه لأنه وسيلة للتعارف ونحن مأمورون به شرعا ومن خلاله نطالب الغرب بأن يسلم بحقوق العرب والمسلمين طالما ينادي بحقوق الانسان وان تختفي ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا العالم الاسلامي.
وعلي المسلمين جميعا ان يبينوا أن الاسلام دين حرية وحضارة ولايرفض الاخر بل يحترمه ويحترم حضارته وعقيدته علي اعتبار ان الجميع أخوة في الانسانية كذلك موقف الاسلام من قضايا حقوق الانسان ومن الارهاب وأن الشريعة الاسلامية تنبذ العنف والارهاب ضد المسلمين وغير المسلم وان قتل النفس الانسانية من دون وجه حق كقتل الانسانية جميعا.
العمل الدعوي
* ماذا ستفعلين في المستقبل القريب؟
** سأتزوج ثم اعمل في مجال العمل الدعوي ونشر الاسلام حيث ان الاسلام عليه الكثير من الضباب والشبهات المثارة ودخول المرأة المسلمة مجال الدعوة الاسلامية مفيد لها ولمجتمعها طالما انها علي علم ودراية بأمور دينها وان شاء الله سأترجم قريبا كتابي الي اللغة الانجليزية حيث انني أقيم حاليا في انجلترا.
* ما رأيك فيما حدث لمروة الشربيني؟
** انا حزينة علي هذا الامر ولا اتخيل ان يحدث ذلك في المانيا رغم ان هذا الرجل الذي قتل مروة ليس عاقلا.. في البداية لم اقرأ أو اسمع عن هذه الجريمة البشعة لكن بعد اسبوع استطعت ان احصل علي المعلومات من "الفيس بوك" الذي كتب عن مروة.. وسعدت كثيرا لوقوف المانيا حكومة وشعبا وقفة واحدة حازمة ضد هذا العمل الاثيم.
*كيف قابلت خبر حظر المآذن في سويسرا؟
** لاشك ان حظر المآذن يدخل في اطار التطرف الاوروبي.. والغريب انهم يصفون المسلمين بأنهم متخلفون ومتطرفون وقد يكون هذا مقبولا بالنسبة لبعض المسلمين لكن الاخطر انهم يعممون ويقولون ان الاسلام نفسه هو المتطرف.
* في رأيك كيف يتم الرد علي الاساءات المتكررة التي يتعرض لها الاسلام؟
** ليس بأسلوب المظاهرات او العنف أو المقاطعة بل لابد ان نصحح المفاهيم المغلوطة بأنفسنا وافعالنا أولا ثم نثير هذا الكلام عبر القنوات الرسمية مثل منظمة حقوق الانسان والامم المتحدة واليونسكو في ظل الاعلان العالمي لحقوق الانسان لنؤكد لهم ان هذه الاساءات تتعارض مع حرية الاديان.
التقريب بين الحضارات
* مارأيك في مثل هذه المؤتمرات.. هل تؤدي الهدف المطلوب منها؟
** مثل هذه المؤتمرات تضم كافة المسلمين من الشرق والغرب وتقرب بين الحضارات المختلفة.. بل وتسهم في تقريب الحوار مع الاخر الذي لايمكن الاستغناء عنه لكلا الطرفين ولكني في الوقت نفسه اطالب المسئولين عن هذه المؤتمرات بالتوسع فيها بمعني توجيه الدعوات للاعلان الغربي ليشارك بالتغطية الاعلامية للدول الاوروبية.. فإذا حدث ذلك بالطبع سوف تتغير الصورة القاتمة التي طبعها الغرب عن الاسلام بأنه دين ارهاب وتطرف وغير ذلك من هذه الاتهامات الباطلة.