للمرة الأولى منذ دخوله معترك الحياة السياسية فى مصر، أعلن محمد البرادعى اعتزامه قيادة وقفة احتجاجية صامتة فى الإسكندرية يوم الجمعة المقبلة للتضامن مع شهداء التعذيب، وفى مقدمتهم خالد سعيد ضحية الإسكندرية؛ كرسالة للنظام المصرى بأن «التعذيب لن يسمح به فى حاضر ومستقبل البلاد».
وفى جلسة مصارحة ومكاشفة تخللتها قرارات عديدة وليدة نقاشات ساخنة بمنزل الكاتبة والناشطة إكرام يوسف، التقى البرادعى مساء أمس الأول، بأكثر من 100 شخص، ممثلين عن أحزاب وقوى سياسية مختلفة وشباب من الحملة الشعبية للتغيير وآخرين من الإخوان واليساريين، وبدا وكأن كل طرف فى اللقاء الذى امتد لأكثر من ساعتين، يريد إلقاء الكرة والمسئولية فى ملعب الآخر،
فالشباب الذين اختلفت توجهاتهم وأيديولوجياتهم حملوا البرادعى وحملته للتغيير مسئولية (البطء فى التحرك، والهدوء فى انتزاع الحقوق، وضعف معدل الزيادة فى حجم التوقيعات على بيان التغيير إلى حد ما، وقلة التواصل بالجماهير)، ومن الانتقادات أيضا (عدم وجود مظلة تحمى أنصاره، وكثرة رحلاته خارج مصر، والعمل منفردا بعيدا عن الأحزاب والقوى السياسية).
وجاءت أكثر الانتقادات حدة من منسق حملة البرادعى فى البحيرة حين قال «لا أشعر أنك ابن بلد مثلنا، وضعك ومكانتك يفرضان عليك التزامات أكثر من ذلك، وتساءل: كيف تقدم نفسك رمزا للتغيير دون أن تتحرك والناس من ورائك؛ أنت حلم كبير وحقيقة ماثلة أمامنا، أرجوك لا تتحول لكابوس وتحرك معنا بقوة أكبر».
ورد البرادعى: «لى رؤية فى التغيير وتكتيكات وأساليب فى العمل، وتوقيت نزول الشارع يرتبط عندى بالنتائج المرجوة منه».
وبدا منفعلا على غير عادته وهو يتساءل مستنكرا: أين النقابات والأحزاب، وأين أساتذة الجامعات والمهندسون؟!، «للبعض أجندته ومصالحه الخاصة وعدم الاستعداد للاتفاق على أجندة واحدة.
ومضى يقول: «هناك أكثر من 450 ألف محام يختلفون الآن مع القضاة، لماذا لم يهبوا بنفس الدرجة لما يحدث فى مصر من تعذيب منهجى وتمديد لقانون الطوارئ».
وتوقف البرادعى عن الاستمرار فى الحديث للحظات ويبدو أنه قرأ فى عيون المحيطين به الذين تسرب إليهم إحساس مؤقت باليأس واستمرار الوضع على ما هو عليه ليعلن دون سابق ترتيب أو تخطيط مع حملته أنه على استعداد ليقود وقفة احتجاجية سلمية الجمعة المقبلة تضامنا مع من وصفهم بشهداء التعذيب، والوقوف دقيقة حدادا على روح الفقيد خالد سعيد، وزيارة أسرته فى منزلهم، ودعا البرادعى أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير والقوى والحركات السياسية لمشاركته فى هذه الفاعلية، متمنيا حضور الآلاف لبعث رسالة واضحة للنظام أن «التعذيب لن يسمح به فى حاضر ومستقبل مصر».
وأعلن فى رد عملى آخر أنه سيقابل يوم الأحد المقبل المرحلين من الكويت بسبب تأييدهم للبرادعى فى منزله أثناء زيارة مراسل صحيفة «دير اشبيجل» الأوسع انتشارا فى ألمانيا من أجل عرض قضيتهم وفضح المتسببين فى قطع أرزاقهم لمجرد مطالبتهم فى التغيير، وفى محاولة لزيادة جرعة الأمل فى نفوس أنصاره، أكد البرادعى أن التوقيعات ليست الوسيلة الوحيدة التى سيتم الاعتماد عليها من أجل التغيير، «سيكون هناك وسائل أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقا لانشغالنا بوجود أرضية للتغيير»، معلنا استحالة استمرار الوضع على ما هو عليه «بعد أن وصلنا للحضيض».
ومع اشتداد سخونة النقاش المصاحب لارتفاع درجات حرارة الجو فى المكان المغلق الضيق، أراد القائمون على الفاعلية تلطيف الأجواء فقاموا بإحضار «تورتة» على شكل علم مصر توسطها النسر، وكتب عليها «كل عام وأنت طيب يا دكتور.. معا سنغير» بمناسبة عيد ميلاده الـ68.