من المعروف أن الفيتامينات تلعب دوراً فعالاً في القضاء على أخطر الأمراض، كما أنها ضرورية جداً لصحة وسلامة الجسم على الرغم من احتياج الجسم لها بصورة بسيطة.
ولأن الفيتامينات مصدرها الطبيعي هو النباتات بما تشمله من خضروات وفواكه، لذا فإن الوجبة المتوازنة شاملة الخضروات والفواكه وبعض الحبوب والبقول والحليب ومشتقاته ومصادر البروتينات كاللحم والبيض تؤدي إلى توفير ما يحتاجه الجسم من الفيتامينات بأنواعها المختلفة.
وفي حالة نقص الفيتامينات أو عدم إمكان الحصول عليها من مصادرها الطبيعية فإنه يمكن الاستعاضة عنها بالفيتامينات المصنعة دوائياً، وفي هذا الصدد، أكدت نتائج دراسة أمريكية جديدة أن الجرعة اليومية من الفيتامينات المتعددة ما هى إلا مجرد إهدار للمال بالنسبة لمعظم الناس, وأن هناك أدلة متعاظمة على أن استعمال بعض الفيتامينات يشكل خطراً على الصحة.
ولاحظ الباحثون، كما تقول الدكتورة ماريان نيوهاوزر الباحثة بمركز هاتشنسن لأبحاث السرطان بسياتل المشرفة على دراسة أجريت علي160 ألف امرأة، إن كبسولات الفيتامينات المتعدده لم تكن ذات فائدة ملموسة حتي بالنسبة للنساء اللاتي كن يتناولن وجبات غذائية فقيرة أو غير متوازنة، طبقاً لما ورد بـ"جريدة الأهرام".
وفي الماضي لم يكن يسمع عن الأمراض المرتبطة بنقص الفيتامينات سوي مرض لين العظام المرتبط بنقص فيتامين "د", ومرض "البيلاجرا" المرتبط بنقص فيتامين "ب نياسين", ولكنك الآن لا تكون محظوظاً إذا عانيت من نقص الفيتامين وأنت تتناول وجبة غذائية متوسطة, لأن معظم الوجبات المعلبة تباع مدعمة بالفيتامينات, فتحتوي الفيتامينات المتعددة.
وأوضحت نيوهاوزر أنها لا تنصح بتعاطي النساء للفيتامينات العديدة كمكمل غذائي إلا في حالات الحمل, حيث تكون الحوامل اللاتي يتعاطين حمض الفوليك أقل احتمالاً لولادة طفل يعاني تشوهاً في الحبل الشوكي.
أما عن فيتامينات الوقاية من نوبات البرد, خاصة "سي", فيري الباحثون أن هناك أكذوبة كبيرة سائدة بين الناس تقول إن الإنسان يستطيع أن يمنع الإصابة بنوبات البرد, وكان هذا الاعتقاد سائداً بين العامة في أوائل السبعينات علي يد العالم الفائز بنوبل الدكتور لينوس بولينج الذي أشاع هذه الفكرة نتيجة لبعض أبحاثه, مما جعل أرفف الصيدليات في أنحاء العالم تمتليء بالعلاجات التي يدخل فيها هذا الفيتامين كمكون أساسي.
أما اليوم, فتحذر الدراسات الحديثة مشتري هذه العقاقير من المبالغة في استعمالها وتوقع الكثير منها.، ففي عام 2007, قام الباحثون بتحليل نتائج مجموعة من الدراسات التي أجريت خلال العقود الماضية علي نحو11 ألف فرد, وخرجوا بنتيجة محبطة مفادها أن فيتامين "سي" لم يستطع أن يبعد شبح نوبات البرد عن الإنسان, إلا بين عدائي الماراثون وممارسي رياضة التزحلق على الجليد.
ولما كان الإنسان البالغ يصاب بالبرد بمعدل12 يوماً سنوياً في المتوسط, فقد وجد من واقع الدراسات أن الفيتامين يسهم في خفضها فقط إلى11 يوماً, وخلص الباحثون إلى أن مثل هذا الخفض البسيط في نوبات البرد لا يعد مبرراً كافياً لاستخدامه.
أما عن الاعتقاد بأن الفيتامينات هى شيء مفيد دائماً ولا يمكن أن تضر الإنسان, فيؤكد الباحث الدكتور ديمتريوس ألبانوس أستاذ تكنولوجيا الغذاء بالمعهد الوطني البريطاني للسرطان، أن نتائج الدراسات الحديثة قد قلبت هذا الزعم تماماً, وقد خرج هذا الفهم الجديد لدور الفيتامينات من دراسة كبيرة أجريت لاختبار جدوي أقراص "البيتاكاروتين" في منع الإصابة بسرطان الرئة بين الرجال المدخنين,.
وللدهشة الشديدة وجد أن نسب الإصابة وحالات الوفاة قد ارتفعت بين المدخنين الرجال الذين تعاطوا أقراص "بيتاكاروتين" كمكمل غذائي مقارنة بمن لم يتعاطوها من المدخنين الرجال, ولم يدر الباحث ماذا يفعلون حيال تلك النتائج حتي خرجت دراسات أخري تؤكد لهم أن هناك إحتمالاً حقيقياً في بعض الظروف أن تكون أقراص مضادات الأكسدة سبباً في الإصابة بالسرطان سواء عند السيدات أو الرجال على السواء.
أما عن الأقراص الجديرة بالتعاطي فعلاً دون أن يكون لها أي تأثيرات جانبية علي الجسم, فهي طبقاً لنتائج آخر الأبحاث أقراص فيتامين "د" التي ثبت أنها تحمي الجسم ضد قائمة طويلة من الأمراض, فقد أثبتت نتائج الدراسات أن الرجال الذين يتمتعون بالمستويات الكافية من فيتامين "د" تنخفض لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب, كما تنخفض لديهم إحتمالات الإصابة بستة أنواع من السرطان على الأقل.
ويعتقد الباحث الدكتور سيدريك جالاند بجامعة كاليفورنيا، أن الأمريكيين إذا حصلوا على جرعات كافية من فيتامين "د" من الممكن منع50 ألف حالة إصابة بسرطان القولون والمستقيم سنوياً في أمريكا,.
ومن جانبه، يؤكد الباحث الدكتور أديت جيند من واقع دراسة لجامعة كولورادو، أن هناك نقصاً في فيتامين "د" بأجسام معظم الناس، رغم أنه فيتامين آشعة الشمس. ويحتاج الانسان من هذا الفيتامين جرعة يومية تتراوح بين200 و600 وحدة دولية, ومن الممكن أن تصل هذه الجرعة إلي1000 وحدة دولية يومياً دون أضرار.
والنصيحة الأخيرة التي خلص اليها الباحثون ـ كما جاء بمجلة "ريدر دايجست" التي نشرت تفاصيل نتائج هذه الأبحاث، أن تأكل وجبات سليمة متوازنة تحتوي على الفيتامينات الطبيعية والعناصر الغذائية اللازمة لصحة الجسم, وأن تأخذ فيتامين "د" كمكمل غذائي.
وبالنسبة للفيتامينات الطبيعية التي ينادي بها الباحثون, فيمكن الحصول علي فيتامين "سي" من البروكولي والفلفل الرومي الأحمر والكرات والباباظ, كما يمكن الحصول على فيتامين "إي" أو"هاء" من بذور عباد الشمس وزيتها وزبد الفول السوداني واللوز والبندق, كما يمكن الحصول على مادة "البيتاكاروتين" المضادة الطبيعية للأكسدة من الجزر وعصيره والسبانخ والبطاطا والقرع.
كما يمكن الحصول علي حمض الفوليك من العدس والفول وعصير البرتقال والاسباراجس. أما فيتامين "ب6", "ب12" فيمكن الحصول عليهما من البطاطس والموز ولحم الدجاج والفول وأسماك السالمون.
ليست التهمة الأولي لفيتامين "سي"
ورغم الاعتقاد الشائع لدى الكثيرين بأن فيتامين " سي " العلاج الأمثل لنزلات البرد والزكام ، إلا أن هذا الاعتقاد أصبح لا أساس له من الصحة بعدما أكد فريق بحثي تابع لجامعتين استرالية وفنلندية أن تناول فيتامين "سي" على شكل أقراص لا يحمي معظم الناس من الزكام.
وجاء في بحث يشمل 30 دراسة انجزت بمشاركة 11350 شخصاً أن جرعات من 200 مج أو أكثر من فيتامين "سي" يومياً لا تخفف من حدة الإصابة بالزكام أو مدتها، لكن الأشخاص المعرضين للإجهاد لفترات طويلة كعدائي الماراثون يمكنهم تقليل احتمال إصابتهم بالزكام بـ50% عن طريق تناول فيتامين "سي" ، أما عدا هؤلاء، فيقول الباحثون إن منافع الفيتامين "سي" على معظم الناس شبه منعدمة.
ويقول أحد الباحثين إنه لا معنى لتناول فيتامين "سي" 365 يوماً في السنة لتفادي الاصابة بالزكام، إلا عند من يتعرض للاجهاد بشكل، حيث يقل احتمال إصابتهم بـ50%، أو أن كان شخص يتعرض لأعراض شديدة.
كما يقول الباحثون إن هناك أدلة مهمة على فاعلية كميات كبيرة من الفيتامين "سي" إن تم تناولها في بداية الاصابة بالزكام، لكن هذه الامكانية تتطلب المزيد من البحث.
وكمية فيتامين "سي" المسموح بها حالياً هى فقط 60 مج يومياً، لكن خبيرة الأغذية البريطانية كاثرين كولينس تقول إن الكمية التي قد تفي بالغرض هى200 مج يومياً، مضيفة أنه من الممكن الحصول على هذه الجرعة عن طريق تناول 5 قطع من الخضروات والفواكه يومياً، كما أن تناول كميات أكبر من اللازم من الفيتامين تجعل الجسم لا يستوعبها.
وتؤكد كاثرين كولينس هى الاخرى أنه لا دليل على فاعلية تناول لفيتامين "سي" ضد الزكام، رغم كون الكريات البيضاء تستفيد منه.
وتضيف الخبيرة: "من المعقول القول أن الفيتامين "سي" يقوي المناعة، لكن ذلك ليس مؤكداً إلا عند الناس الذين يفتقرون إليه أصلاً، وهو شيء نادر"، لكنها تعتبر الدراسة الجديدة إضافة مهمة إلى المعلومات المتوفرة حول فيتامين "سي".
كما أن هناك دراسة أخرى وجهت اتهاماً خطيراً له، حيث أكدت أن تناول فيتامين "سي" يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة.
وكشفت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة براون الأمريكية، عن تورط هذا الفيتامين في زيادة احتمالية إصابة الفرد بسرطان الرئة، في بعض الحالات.
وأوضحت الدراسة التي استندت علي تجارب مخبرية أجريت على خلايا رئوية بشرية، أن فيتامين "سي" قد يلعب دوراً في إتلاف الحمض النووي "دي أن ايه" لخلايا الرئة في بعض الحالات التي يتواجد فيها مع عنصر الكروم "سداسي التكافؤ" أو ما يعرف بالكروم "6" في نسيج الرئة، مما يهدد بإصابة الفرد بورم سرطاني.
وأوضح الباحثون أن فيتامين "سي"، وهو من المواد المضادة للأكسدة ذات الفعالية، حيث يعمل على إيقاف تحطم الخلايا الذي قد تسببه الجذور الحرة "، حيث يقوم الفيتامين بإضافة إلكترونات تعمل على تحويل الجذور الحرة إلى جزيئات غير ضارة، كما يسهم فيتامين "سي" عند تواجده خارج الخلية مع الكروم "6" في تحويله إلى شكل آخر ومنعه من اختراق الخلايا.
ومن المعروف لدى المختصين بأن الكروم "6" هو أحد العناصر المعدنية الموجودة في الطبيعة، ويتواجد في التربة أو الصخور، علاوة على احتمالية وجوده في المياه، ويعد هذا العنصر من المواد المسرطنة عند استنشاقه بالنسبة للبشر، حيث يرتبط بزيادة مخاطرالإصابة بسرطان الرئة.
وأشار الدكتور أناتولي زيتكوفيتش الأستاذ المشارك في مجال العلوم الطبية من الجامعة وعضو فريق البحث، إلى أن التجارب أثبتت أن زيادة تركيز فيتامين "سي" داخل الخلايا، أدى إلى ارتفاع معدل حدوث الطفرات والتكسر في الحمض النووي "دي أن ايه"، مما يشير إلى دور هذا الفيتامين في جعل التراكيز غير المؤذية من عنصر الكروم "6" ذات تأثير سام.
وكان الباحثون من جامعة بنسلفانيا الأمريكية قد أعلنوا من قبل أن فيتامين" سي"، الذي يعتبر أحد المكونات الغذائية الأساسية في الفواكه والخضار ويتناوله العديد من الناس بجرعات كبيرة كمادة غذائية مكملة، هو في حقيقة الأمر سلاح ذو حدين ينطوي على فوائد ويحفز في الوقت نفسه على ظهور مواد مركبة ذات علاقة بالإصابة بالسرطان.
وأضاف العلماء أن فيتامين "سي" يحتوي على حامض دهني مهم يوجد في الدم، وتبين لهم أنه يتسبب في توليد مواد تتلف الحامض النووي ويعرف عنها أنها تسبب تغيرات وراثية، أو جينية، لها علاقة بعدد من أمراض السرطان.