الإيمان حماية للمسلم من عواصف الحياة الدين الحنيف حذر من الاستسلام لليأس
|
في أحد الأيام طلب رسول الله صلي الله عليه وسلم من الصحابة مد يد المساعدة للأمة كل قدر استطاعته واستخدام هذه المعونات في تجهيز جيوش المسلمين أو لأي إصلاح تتطلبه مصلحة المجتمع. وكعادة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لم يلزم أحدا بتبرع أو تقديم مبلغ معين. وإنما ترك الأمر لكي يقدر كل مسلم مدي احتياجات أسرته وأولاده. والتصرف علي حجم المساعدة التي يستطيع ان يقدمها تلبية لنداء سيد الخلق صلي الله عليه وسلم. استقرت دعوة سيدنا رسول الله في نفوس أصحابه وبادر المسلمون بتقديم المساعدات كل قدر امكانياته وفوجيء سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصديق أبي بكر رضي الله عنه يقدم للرسول كل ماله رافضا نصيحة والده أبي قحافة. وخلال استقبال هذه الأموال من الصديق سأله رسول الله قائلاً: وماذا ابقيت لعيالك يا أبابكر؟ قال الصديق: أبقيت لهم الله ورسوله. وهاهو عثمان بن عفان ذو النورين قدم قافلة التجارة التي يمتلكها والقادمة من أرض الشام عن طواعية لدعم جيوش المسلمين. ورفض عروض التجار الذين تقدموا بها لشرائها مفضلا أرباح رب العالمين المضاعفة عن أرباح التجار التي مهما كان حجمها فلن تصل الي أي قدر من أرباح الله التي أعدها لمن يتصدق في سبيل الله "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبه والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" 261 سورة البقرة.
|
وصحابي ثالث.. قدم حديقة مثمرة كاملة لرسول الله صلي الله عليه وسلم لكي يتصرف فيها لصالح المجتمع المسلم. وعندما خرج من مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم وجد أطفاله وزوجته في داخل الحديقة وبعض الثمرات في يد أحد الأطفال طلب من زوجته وأطفاله مغادرة الحديقة وترك الفاكهة فورا لأنها أصبحت ملكية للمسلمين والرسول هو الذي يحدد الوسائل التي يتم بها استثمار وتصريف عائدها وفق رؤيته صلي الله عليه وسلم واحتياجات المجتمع الإسلامي.
هذه النماذج الثلاثة وهناك الكثير من الصحابة الذين تباروا في تقديم أموالهم لدعم المجتمع المسلم وهذه الصور المشرفة في حياة مجتمعنا الإيماني نضعها أمام الذين انتابهم الهلع والفزع لفقد بعض أموالهم تحت وطأة أي ظروف . وكذلك أمام الذين يلهثون وراء الأرباح أو تحقيق مكاسب بطرق ملتوية ووسائل غير مشروعة. وللأسف تعددت بعض هذه المظاهر علي أرض الواقع ويكفي ان تلقي نظرة علي ما يحدث من بعض الآباء والتجار والذين يسعون لجمع المال بأي طريق بحجة تأمين مستقبل أسرهم وابنائهم.
للأسف.. هذا الجشع وهذا الاضطراب جاء نتيجة نقص الوازع الديني في نفوس هؤلاء. وعدم تمكن الإيمان في قلوبهم وحب الدنيا والانغماس في الرفاهية جعلهم يفقدون الهدوء والاطمئنان فراحوا يرتكبون الجرائم حتي ضد أبنائهم وفلذات الأكباد. لأن حب المال سيطر علي النفوس فأين هؤلاء من الصديق والصحابيين الذين أشرت لهما أنفا؟!
بلاشك فالمقارنة ظالمة. إذ كيف يستوي الذين تمكن الإيمان في قلوبهم ومن فقد هذا الركن الأساسي؟ لأن الذين استقر نور اليقين في قلوبهم عرفوا ان المال ظل زائل وعارية مستردة. وأنه يذهب ثم يعود وأن الإيمان اذا استقر في القلب يكون عاصما للإنسان وحماية له من عواصف الحياة وتقلباتها. فهاهو أبوبكر قدم كل ماله لم يخش الفقر ولم يتطرق الي نفسه ان أولاده سوف ينطلقون الي الشوارع يتسولون الناس. أبدا انما كان العمل وتجويده هو الهدف الأسمي لأبي بكر وعثمان وذلك الصحابي الذي تبرع ببستانه. وقد دارت الأيام وعاد أبوبكر والصحابيان أغني وأكثر ثراء من ذي قبل ولم يقعوا فريسة للغرض والهوي وحب المال وانما كانوا يقدمون المال وعيونهم علي العمل والسعي في الأرض لاكتساب المال من العمل الجاد وتحقيق طموحاتهم بالوسائل المشروعة وكل همهم ان يكون الحلال هو الأساس في اكتساب المال مهما تكن ضالته.. وهاهو أبوبكر يلفظ من فمه تمرات بعد ان تأكد أنها جاءت دون اذن من صاحبها. هؤلاء نماذج مشرفة سجل التاريخ مواقفهم بأحرف من نور.. ليت ابناء عصر السماوات المفتوحة والقرن الواحد والعشرين يقتدون بهم "ان في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد"