تحولت الانهيارات العصبية بين أفراد الجيش الأمريكي الى معضلة تواجه قيادة هذا الجيش الذي يخوض حربين في افغانستان والعراق. وقد يكون الرقيب جون راسل الذي قتل 5 من رفاقه قبل ايام في العراق أحد نماذج الإضطرابات العصبية التي اصابت الكثير من الجنود الامريكيين في العراق.
ويبدو أن شبح الانهيار العصبي لدى الجنود الامريكيين الذي رافق حرب فيتنام يعود من جديد الى الولايات المتحدة مع حربيها في العراق وافغانستان. وفي آخر فصل من فصول هذه الأزمة وجه القضاء العسكري الامريكي رسميا تهما بالقتل والهجوم المتعمد الى الرقيب جون راسل الذي اطلق النار على زملائه داخل قاعدة "كامب ليبرتي" قرب مطار بغداد فأسقط 5 قتلى و 3 جرحى. وقد وصف الرئيس باراك أوباما الحادث بأنه مروع. أما البنتاغون ففتح تحقيقا بصدد إذا كان لدى الجيش الامريكي ما يكفيه من مؤسسات صحية معنية بمعالجة الضغوط النفسية في العراق.
وقال الطبيب النفساني مارك ليفي بصدد الحادث ومرتكبه:" ربما كان مكتئبا وربما كان في حالة عقلية ما بين القتل والانتحار، وهذا ما حدث. لقد كان منذ مدة في ساحة القتال وكان يعيش في بيئة تعرضت فيها حياته للخطر دائما ليلا ونهارا، لذا فالامر نفسي وربما كان على هذه الحالة لمدة اسابيع او شهور. وهذه حال من يقضي الربع الثالث من خدمته ولا يزال متواجدا هناك منذ سنوات. من هذا المنطلق ما يمكن ان يفعله الفرد في هذه الحالة النفسية ردا على هذه الاستفزازات سيكون ذا طابع هجومي".
وقالت جماعة معنية بشؤون قدامى المحاربيين الامريكيين إن الحادث ليس بالمفاجأة وأنه يجسد وطأة الاجهاد النفسي الذي تسببت به حربا العراق وافغانستان اضافة الى عامل الركود الاقتصادي الذي يؤثر سلبا على اسر الجنود الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع.
وعبر يلبورن راسل والد الرقيب جون راسل عن شعوره تجاه ولده بغض النظر عما فعل، حيث قال :" أنا أحبه وهذا لن يغير شعورنا تجاهه. نأسف لما حدث ونأسف لانه حدث لأسر اخرى. كنت اتمنى ان لا يحدث ذلك. وآمل ان يجدوا انه فعل ذلك بسبب الضغوط. فهو لم يكن انتقاميا ولم يقصد احدا. لقد زادوا الضغط عليه وفعلوا ذلك عمدا. كما انهم هددوه بالطرد. كان ينتمي الى القوات المسلحة لكن الجيش انقلب ضده".
تشير الاحصائيات العسكرية الى أن قرابة خمس الجنود الامريكيين الموجودين فى العراق يعانون من اضطراب عصبي. كما أن حالات الانتحار بين هؤلاء ارتفعت من 115 حالة عام 2007 الى 143 حالة مماثلة عام 2008. الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول الجهود المبذولة للتصدي لظاهرة الارهاق النفسي في صفوف الجيش الامريكي ومعالجة الوضع المضطرب في العراق وافغانستان.