طهران: استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السبت السفير الألماني بطهران هربرت هونزوويتس علي خلفية الحادث الذي قام به عنصري ألماني في قاعة محكمة بمدينة "درسدن" وأدى إلي استشهاد السيدة المصرية المحجبة مروة الشربيني .
ووفقا لما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية "ارنا" ، تم الإستدعاء من قبل مدير عام دائرة غرب أوروبا في وزارة الخارجية الإيرانية حيث جري إبلاغ السفير الألماني احتجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية إزاء هذا "العمل اللاإنساني".
وأشار مدير عام دائرة غرب أوروبا في الخارجيه الإيرانية الي إهمال السلطات الألمانية في إبداء رد الفعل السريع تجاه هذه الجريمة المروعة ، مشددا على مسئولية حكومة برلين عن توفير حقوق وأمن الأقليات وکذلك المواطنين المسلمين المقيمين في هذا البلد.
واعتبر المسئول الإيراني أن الجريمة التي حدثت في محكمة بمدينة درسدن بألمانيا نموذجا آخر لإنتشار موجة معاداة الإسلام في الغرب ، منتقدا التعاطي المزدوج مع موضوع حقوق الإنسان وفرض حظر على النشر في قضية استشهاد مروة الشربيني.
وجاء هذا الإجراء بالتزامن مع مشاركة العشرات من الطلبة الإيرانيين السبت في وقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة الألمانية في طهران للتنديد بمقتل "شهيدة الحجاب" الدكتورة مروة الشربيني .
وندد المتظاهرون بما سموه بـ"المعاملة السيئة للمسلمين في ألمانيا"، وأعربوا عن إدانتهم لمقتل الشربيني داخل إحدى قاعات المحكمة في مدينة دريسدن الألمانية قبل عشرة أيام.
وكان عدة مئات من الإيرانيين - معظمهم من أنصار الحكومة الإيرانية – قد نظموا الجمعة أيضا "مسيرة حزن" في طهران احتجاجا على طريقة تعامل السلطات ألألمانية مع جريمة قتل المواطنة المصرية المسلمة ، وردد المتظاهرون هتافات بسقوط ألمانيا .
يأتي هذا في الوقت الذي قرر فيه الادعاء الألماني فرض حظر على النشر في قضية مقتل الدكتورة المصرية مروة الشربيني بعد تقارير أكدت تخطيط القاتل لجريمته، فيما واصلت الصحف الألمانية انتقاداتها لتأخر إدانة حكومة ميركل للحادث.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المتحدث باسم الادعاء العام في دريسدن السبت قوله :"لن يتم نشر أي تفاصيل متعلقة بجريمة القتل قبل تحريك الدعوى القضائية ضد المتهم".
وجاءت تصريحات الادعاء ردا على تقرير مجلة "فوكوس" الألمانية الذي أشار إلى أن المتهم الألماني، خطط لتنفيذ جريمته، فيما رفض المتحدث باسم الادعاء التعليق على صحة التقرير وشدد على عدم الإدلاء بأي تفاصيل متعلقة بالقضية في ظل استمرار التحقيقات.
وفي سياق الانتقادات على موقف الحكومة الألمانية من الحادث، تساءلت صحيفة "دير تاجسبيجل" الألمانية السبت قائلة: "لماذا بقي مقتل امرأة محجبة لم تسقط ضحية جريمة شرف مجرد خبر هامشي صغير لمدة أسبوع؟، هل يمكن أن يكون التعامل مع هذه الجريمة انعكاسا لطريقتنا في التفكير؟".
وكانت صحيفة "الدويتش فيلا" قد أكدت أن السياسة الألمانية لم تعط الانطباع الجيد، وبذلك أضرت بسمعة ألمانيا بلا داع، بينما قالت صحيفة "دي تاجز سايتونج" إن الإدانة الألمانية جاءت بعد أن أثار الحادث غضب الشعب المصري، وتناولته وسائل الإعلام في دول أخرى.
بدورها، انتقدت صحيفة "دي تاجز سايتونج" الجمعة تأخر الحكومة الألمانية في إدانة الحادث، وقالت إنه أخيرا وبعد حوالي أسبوع من مقتل مروة، أعلنت الحكومة الألمانية إدانتها لهذا الحادث، وأسفها لوقوعه، ومع ذلك يجب عليها أن تقبل اتهامها بأنها لم تفعل ذلك إلا بعدما أثار هذا الحادث الغضب في مصر، وبعد أن تناولته وسائل الأعلام في دول أخرى أيضا.
وتساءلت الصحيفة "أين كانت الأصوات المدينة للحادث في ذلك الأسبوع الذي مر، إذ لم تسمع هذه الأصوات في ذلك الوقت ولماذا احتاجت الحكومة الألمانية إلى كل هذا الوقت للعثور على كلمات الإدانة المناسبة.
وأشارت إلى أن هذا التأخير بالتأكيد لم يكن مؤشرا على عدم الاهتمام بالقضية أو على غياب التعاطف مع الضحية، لكن من الواضح أن كثيرا من المسلمين - وحتى من الموجودين في ألمانيا - فسروا الأمر على هذا النحو، بل إن بعضهم رأى في الأمر محاولة مقصودة للتقليل من أهمية موت السيدة المصرية.
كما دعا أستاذ جامعي متخصص في العلوم الإسلامية في ألمانيا إلى التعامل بشكل جدي مع حالة الغضب، التي انتابت مصر عقب الحادث، مؤكدا أن غضب الشعب المصري حقيقي ولا جهات تنظمه.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد أدانت بشدة موجة العداء للإسلام وللأجانب ، وقال متحدث باسمها إن المستشارة الألمانية أعربت عن تعازيها الشخصية للرئيس المصري حسني مبارك في لقاء على هامش اجتماعات مجموعة الثماني في لاكويلا بإيطاليا.
وأكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير لنظيره المصري أحمد أبو الغيط أن ألمانيا ستبذل كل ما في وسعها من أجل الحيلولة دون تكرار وقوع هذه الجرائم في المستقبل.
وكتب شتاينماير في خطاب لأبو الغيط "نعمل على أن يشعر كل فرد في ألمانيا بالأمن بغض النظر عن جنسيته أو دينه".
جريمة مروعة
وقتلت مروة (31) طعنا بالسكين في مطلع يوليو/تموز 2009 أمام ابنها مصطفى (ثلاثة أعوام) على يد ألماني من أصل روسي في ساحة محكمة ألمانية، وذلك بعد أن أقامت دعوى ضد الشاب الألماني لسبها في أحد ملاعب الأطفال بسبب خلاف على الأرجوحة ووصفها "بالإرهابية" لأنها ترتدي الحجاب.
وانتهت الدعوى بتغريم الجاني اليكس دبليو (28 عاما) 750 يورو، وقرر المتهم استئناف الحكم واستغل جلسة الاستئناف لتوجيه طعنات للفقيدة داخل قاعة المحكمة.
وأصيب علوي (32عاما) زوج مروة بإصابات خطيرة في الكبد والرئة، أثناء محاولته إنقاذ زوجته والسيطرة على الجاني، حيث أن الجاني طعنه هو الآخر، كما تعرض لطلق ناري من أحد رجال الشرطة في المحكمة عن طريق الخطأ.
وفي السياق ذاته، قال كريستيان أفيناريوس رئيس نيابة مدينة دريسدن الألمانية إنه من المقرر توجيه تهمة القتل العمل لقاتل الدكتورة مروة الشربينى "وعقوبتها السجن المؤبد"، مؤكدا أن القانون الألماني يطبق بسواسية على المواطنين والأجانب في نفس الوقت طبقا لدستور جمهورية ألمانيا الاتحادية.
ومن جانبه ، ذكر المتحدث الرسمي باسم النائب العام لدريسدن أنه يجرى الآن التحقيق مع المتهم لمعرفة ما إذا كان هذا العداء بداخله تجاه الأجانب بصفة عامة أم المسلمين بصفة خاصة، مضيفا أن نيابة دريسدن يلزمها عدة شهور للانتهاء من التحقيق وإصدار الحكم النهائي.
وأوضح أن المتهم يقيم في ألمانيا منذ نهاية عام 2003، وكان يتلقى معظم الوقت معونة حكومية للإعاشة، وأحيانا كان يعمل في وظائف مؤقتة، واختتم قائلا :"لا يوجد لدينا معلومات عن انتمائه لجماعات ذات نشاط سياسي أو ديني أو أي جماعات أخرى".